مركز عمليات الحرب العالمية الثانية في قلب صحراء مطروح كـهـف رومـيـل.. أسرار اختيار «ثعلب الصحراء» له!
أمام شاطئ البحر الفيروزي في محافظة مطروح الواقعة في شمال مصر يقع متحف كهف روميل ليخلد مرور القائد العسكري الشهير الذي عُرِف بـ «ثعلب الصحراء» أثناء الحرب العالمية الثانية. ويعود المتحف الصغير بزائريه إلى فترة الأربعينيات، من خلال مطالعة مقتنيات القائد الألماني التي تحكي جزءًا من سيرته في أعوامه الأخيرة وبعض المتعلقات الحربية. في الموضوع التالي ننتقل في جولة سريعة إلى متحف كهف روميل وتاريخه الذي يرجع إلى العصر الروماني:
عُرِف روميل بثعلب الصحراء بسبب هجماته المفاجئة والجريئة
يستمد الكهف اسمه من القائد الألماني الشهير اإرفين روميلب الذي كلفه هتلر في عام 1941 بقيادة القوات الألمانية في شمال أفريقيا، وخاض أشهر المعارك في تاريخ الحرب العالمية الثانية هي معركة العلمين. وعُرِف روميل بلقب ثعلب الصحراء أُثناء وجوده في مسرح العمليات بشمال أفريقيا، حيث أطلق عليه اللقب أصدقاؤه وأعداؤه على حد سواء بسبب ما اتصف به من هجمات مفاجئة وجريئة في زمن الحرب، ما جعل هتلر يرقيه إلى رتبة مارشال.
وأثناء قيادته للقوات الألمانية في شمال أفريقيا حقق انتصارات عدة في مصر، لكنه فيما بعد أمر بسحب الجيش الألماني من المنطقة نظرًا لقسوة حرارة الجو في الصحراء، غير أن هتلر أمره بمهاجمة العاصمة المصرية االقاهرةب. ومع امتثال روميل لتعليمات هتلر لم يتمكن من تحقيق النصر في تقدمه نحو القاهرة، إذ أوقفته القوات البريطانية على بعد 200 كم من الإسكندرية في منطقة العلمين في أكتوبر من عام 1942.
من العصر الروماني حتى الحرب العالمية
وعلى الرغم من ارتباط اسم المتحف بالقائد الألماني فإنه كان موجودًا قبل ذلك بفترة كبيرة. وبحسب ما يذكر عبدالله إبراهيم موسى، مدير آثار منطقة مطروح، فتشير الروايات التاريخية إلى أن هذا الكهف المحفور في باطن الجبل يعود إلى العصر اليوناني الروماني: ايُعتقد أن الكهف كان يُستخدم لتخزين الغلال في العصر اليوناني الروماني بمصر، وذلك للغلال التي كانت تُصدر للإمبراطورية الرومانية آنذاك، كما توجد بعض الشواهد الأثرية الممتدة أعلى الكهف والتي تشير إلى احتمالية استخدام الموقع كأحد التحصينات العسكرية والدفاعيةب.
ويبين أن هناك تخمينات باستخدام الكهف لإيواء بعض الرهبان الفارين من اضطهاد الأباطرة الرومان في عصر الاضطهاد الديني نظرًا لارتباطه وقربه من موقع الموانئ البحرية.
يُعتقد أن روميل اتخذ الكهف مقرًا للقيادة أثناء وجوده على الأراضي المصرية
لكن الكهف اكتسب أهميته السياحية والتاريخية من الحرب العالمية الثانية، إذ يُرجح أن القوات النازية كانت تخطط فيه لمعاركها المقبلة على الأراضي المصرية. ويقول عبدالله إبراهيم: ايعتقد أن القائد النازي إرفين روميل اتخذ من الكهف مقرًا لقيادته أثناء خطة النازيين للسيطرة على مصر وقناة السويسب.
من الهجران إلى السياحة
يأخذ متحف كهف روميل شكل قوس وله مدخل ومخرج عند طرفيه عند شاطئ البحر، وهو أحد الكهوف الطبيعية بمحافظة مرسى مطروح المحفورة في باطن الجبل. وكان الكهف مهجورًا حتى عام 1977، ثم بدأت محافظة مطروح في التجهيز وإعداد الكهف بأن يكون مزارًا سياحيًا، وفي عام 1988 جاءت فكرة إنشاء متحف داخل كهف، وتزويده بعدد من الأغراض المتعلقة بالحرب العالمية الثانية. وأهدى مانفريد روميل، ابن القائد النازي، عددًا من مقتنيات والده للمتحف التي يمكن للزائرين الاطلاع عليها أثناء جولتهم في الكهف.
ولكن في عام 2010 أُغلق المتحف لدواعٍ أمنية بناءً على توصيات من الدفاع المدني والحريق لحين الانتهاء من أعمال الترميم والتطوير، ثم أُعيد افتتاح كهف روميل عقب الانتهاء من تلك الأعمال في أغسطس من عام 2017.
ويذكر عبدالله إبراهيم أن السياح الأجانب من أوروبا بشكلٍ خاص يحرصون على زيارة متحف كهف روميل باستمرار عند زيارة متحف ومقابر العلمين إحياءً لذكرى ذويهم من قتلى الحرب العالمية الثانية في شهر أكتوبر.
مقتنيات المتحف
يضم المتحف عددًا من المقتنيات المرتبطة بالحرب العالمية الثانية والقائد الألماني روميل منها خوذته وملابسه الخاصة، والمعطف والمنظار الخاصان به. ومن بين مقتنيات المتحف أيضًا مجموعة من متعلقات التسليح الخاصة بالجيش الألماني ومتعلقات إدارية وأرشيفية للجنود الألمان منها صندوق أرشيف ميداني مخصص لحفظ الملفات الخاصة بالجيش الألماني.
كما يحوي المتحف خرائط عسكرية تؤرخ لفترة الحرب العالمية الثانية من بينها خريطة تظهر معركة العلمين وأماكن انتشار قوات المحور تحت القيادة الألمانية.