مهازل «الرؤية» وانتقام الأزواج يسحق الأطفال المحامية مريم البحر: الأب يهوى أفلام الرعب ويطبقها على أطفاله
المحاماة ملاذ ومروءة وفن قبل أن تكون مهنة.. وليس المحامون كلهم محامين بالضرورة.. ليس عمل المحامي فقط معرفة القانون، فالكثير يعرف النصوص حتى من غير المحامين، لكن حقيقة المحامي تكمن في دراسة الوقائع دراسة قانونية والنظر إلى ما يمثل هذه الوقائع في نصوص القانون.. المحاماة فن الحجة والجدل والبرهان والإقناع.. وليس من عمل المحامين قلب الثوابت أو تضليل الحقائق؛ لأن المحامي قبل ذلك كله إنســان لا يكسب دعوى ويخسر نفسه.
معكم القانونية المحامية مريم فيصل البحر. آلاف الأطفال مهددون بالضياع بسبب الخلافات الزوجية، وأصبح حكم الرؤية سلاحا بيد الممسك بالأطفال ليعاقب الطرف الآخر في حرمانه من حق الرؤية لأبنائه بسبب الكيد بالطرف الآخر أو الضغط عليه أو لأسباب أخرى.. والغريب في الأمر أن الطرفين المتنازعين، هما زوجان سابقان نسيا الفضل بينهما وتناسيا العشرة ويحسبان أنهما يحسنان الصنع في نكران المعروف بينهما، وها هما يخسران أبناءهما بسبب سوء التفاهم في الرؤية.
بعد الطلاق.. الأطفال في ضياع بسبب خلافات الوالدين
جاء الكثير من الآباء يشكون حرمانهم من رؤية فلذات أكبادهم وتدمير نفسيتهم ونفسية أبنائهم وإذلال النساء لهم في رؤية الأبناء، وتشكو النساء الرجال في أنهم لا يلتزمون بالرؤية وإن التزموا بذلك جعلوا من رؤية الأبناء تدميرا لسلوكياتهم، وأما الأطفال في ضياع بسبب الوالدين وخلافاتهما التي نقلاها لهم، يظنون أن الطفل سلاح للانتقام.
وها نحن اليوم في قضيتنا نرى أن الأب الذي يبدو أنه يهوى مشاهدة أفلام الرعب، مغرم برؤية الخوف على وجوه أطفاله، لن أطيل عليكم، ولكن جاءت لي سيدة تزوجت وطال أمد زواجها لمدة ست سنوات، وأنجبت ثلاثة من الأبناء الذكور، ثم حدثت خلافات بينها وبين زوجها وتم الطلاق، واستصدر الزوج أمراً بأحقيته برؤية الأبناء كل يوم جمعة.
قال لهم أبوهم..
«ما أخذتكم إلا لأغيظ أمكم»
وجميع ما ذُكر لم يكن به أي مشكلة ولكن في يوم من الأيام التي كان مقررا ان يذهب فيها الأبناء الى الأب، اصطحبهم الأب إلى بيت مهجور في منطقة ما، وأدخلهم المنزل وأغلق عليهم الباب من الخارج حيث ان الباب لا يفتح إلا من الخارج، وتركهم حيث ذهب ليجلس مع زوجته في السيارة، وحاول اثنان من الأبناء القفز من باب المنزل كونه غير مرتفع جدا، الأمر الذي بث الرعب في قلوبهم.
ولكن ما يحزن هو كلمات الأب وهم يطالبونه بفتح الباب وهو يقول لهم اأنا لا أحبكم، وأنا أخذت حكم الرؤية علشان أغيظ أمكمب بينما كانت زوجة الأب تقوم بتصوير البيت المهجور والأطفال، وحاول الأب إعادتهم للمنزل المهجور مرة أخرى، وبعدها أخذهم إلى حديقة بنفس المنطقة وقال لهم الا تقولوا حق أمكم اللي صار، ولو أمكم رفعت قضية ماراح أخليكم تشوفوها مرة ثانيةب.
هل يعقل أن يعرض الأب حياة أبنائه للخطر بهذا الشكل؟!
بينما وعدهم الأب أنه في موعد الرؤية القادم سوف يصطحبهم تجاه العراق لرؤية الصواريخ والأسلحة، كما طلب منهم زيارة المستشفى الأميري القديم المهجور منذ أكثر من ثلاثين سنة بمنطقة شرق ووعدهم بجوائز لو دخلوا المكان.
وكانت الطامة الكبرى عندما ذهبت الأم لأخذ أبنائها من مركز الرؤية لتجد إصابات متفرقة بالأطفال، جراء القفز من الارتفاع، حيث كُسرت قدم أحدهم وهو يحاول مساعدة أشقائه للخروج من البيت.
هل يعقل أن يعرض أب حياة أبنائه للخطر، ويهددهم ويرهبهم ويبث في نفوسهم الرعب لمجرد انه يريد الانتقام من أمهم؟!، هل هذه هي الأبوة؟ّ، إنه شكل من أشكال العنف الأسري، والعنف ضد الأطفال، وفقا للمادة 76 من قانون حقوق الطفل التي سطرت الحالات التي يكون فيها تعرض الطفل للخطر وحالات الإهمال على سبيل الحصر ايعد الطفل معرضا للخطر لأي شكل من أشكال الأذى الجسدي أو النفسي أو العاطفي أو الجنسي أو الإهمال، أو إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، وهي بتعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر…ب.
كما أن المادة 93 من قانون الطفل تقرر حرمان الأب أو متولي رعاية الطفل من جميع المزايا العينية التي تمنحها الدولة إذا صدر ضده حكم نهائي بإدانته بجريمة من جرائم الطفل، فضلا عما قررته المادة 94 من ذات القانون، بمضاعفة العقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت على طفل إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية أو المسؤول عن ملاحظته وتربيته، أو من له سلطة عليه…، وبالتالي اتجه المشرِّع إلى تشديد العقوبة على كل من يُدان من والدي الطفل، أو من يتولى رعايته.