هل أصبح رفض الفتاة الارتباط بأي شاب جريمة شنيعة؟ إما الزواج أو القتل.. جرائم باسم الحب!
كم من الجرائم ترتكب بـ «اسم الحب»، قد توالت العديد من «جرائم القتل تحت مسمى الحب»، وهل تصدق مقولة «ومن الحب ما قتل»، هل يكون الحب دافعاً للانتقام يصل إلى القتل؟، وما الأسباب التي تدفع الحبيب للانتقام بهذه الصورة البشعة؟ هل هذا غزو فكري أم أزمة أخلاق أم هذا مجرد تبرير الانتقام للكرامة والرجولة وليس الحب، أسئلة كثيرة تدور في الأذهان هذه الأسئلة تجيب عنها «أسرتي» في السطور التالية:
شهدت مصر 3 جرائم قتل باسم الحب في خلال أقل من ثلاثة أشهر، آخرها طالبة المنوفية أماني الجزار، التي لقيت مصرعها رمياً بالرصاص، على يد شاب تقدم لخطبتها لكنها رفضته.
لقيت طالبة عشرينية حتفها تدعى إيمان رشيد، بعدما أطلق شاب الرصاص عليها، داخل إحدى الجامعات الخاصة شمال العاصمة عمّان.
الغريب في هذه الجرائم أنها ارتكبت باسم الحب، بسبب عدم تقبل الجناة لثقافة الرفض والاختلاف، فكل واحد منهم يبرر جريمته بأن محبوبته رفضته، دون أن يسأل نفسه أليس من حقها أن تختار من تحب؟ لماذا يعطي نفسه الحق في فرض غرائزه على الآخرين؟
من نيرة أشرف بداية الجرح
الطالبة نيرة أشرف لقيت مصرعها ذبحاً بالسكين في مشهد أشعل حالة من الغضب لدى ليس المصريين فحسب، بل في أنحاء العالم العربي. تفاصيل وحيثيات كثيرة تكشفت يوماً بعد يوم عن ملابسات ما جرى مع المجني عليها نيرة أشرف، والتي شغلت رواد مواقع التواصل حول أسباب الجريمة، وعواقبها ونتائجها التي ستسفر عنها.
ولاقت مجريات محاكمة القاتل أيضا اهتماماً كبيراً، وتسارعت فيها الأحداث خاصة بعد رواية القاتل وشرح دوافعه التي جعلته يقدم على قتل نيرة وما قاله القاضي المسؤول عن الجلسة.
ولا تزال قضية مقتل نيرة تطفو على السطح حتى اليوم حيث تصدرت قوائم البحث عبر مواقع التواصل، بعد تقديم المحامي فريد الديب، وهو مدافع عن القاتل مذكرة الطعن لمحكمة النقض، وذلك بهدف إبعاد عقوبة الإعدام عن القاتل.
«هقتلك زي ما البنت المصرية اتقتلت».. نص رسالة قاتل الطالبة الأردنية إيمان رشيد
”راح اجي الجامعة لكي بكرة وإذا رفضتي سوف أقتلك مثل ما قتلت الفتاة المصرية” بهذه الكلمات تداولت الصفحات الأردنية قصة الطالبة إيمان رشيد وهي قصة فتاة أردنية قتلت داخل جامعتها بعد رفضها الزواج من زميلها على غرار قصة الطالبة المصرية نيرة أشرف.
الطالبة إيمان مؤيد رشيد في السنة الأولى تخصص تمريض جامعة العلوم التطبيقية في الأردن، حيث دخل شاب حرم جامعتها متنكراً ومرتدياً ملابس ترتبط بمهن تعتاد دخوله وأطلق خمس رصاصات اخترقت جسدها واحدة في الرأس بينما هي كانت في الطريق لأداء امتحان في تخصصها.
القاتل فر هارباً من حرم الجامعة بعدما فعل فعلته، وتم تحديد مكان اختبائه في إحدى المزارع في منطقة بلعما، وقد تحركت قوة أمنية على الفور لتداهم الموقع، وحاصرت القاتل الذي أشهر سلاحه باتجاه رأسه، رافضاً تسليم نفسه ومهدداً بالانتحار، حيث قامت القوة بمفاوضته، إلا أنه رفض ذلك وأطلق النار على نفسه.
سلمى ضحية جديدة تدمي القلب
وفي ظل استمرار الانشغال الكبير بقضية مقتل الطالبة الجامعية نيرة أشرف والطالبة إيمان رشيد، صعق الملايين من جريمة قتل بشعة وقعت أيضا بعد ذلك لطالبة جامعية تدعى سلمى، وهي طالبة في كلية الإعلام في جامعة الشروق بمصر.
حيث أقدم شاب على إزهاق روحها عن طريق طعنها بـ 17 طعنة في أماكن متفرقة من جسدها، أمام مدخل إحدى البنايات بالقرب من محكمة جنايات الزقازيق بمصر ما شكل صدمة كبرى لبشاعة الجريمة.
وبعد إلقاء القبض عليه، اعترف المتهم أمام النيابة بأنه هدد سلمى بذات مصير نيّرة أشرف، مشيراً إلى أن ضحيته خافت من تهديده.
وقرر النائب العام المصري بعدها إحالة القاتل إسلام محمد، إلى محكمة الجنايات المختصة لمعاقبته بجريمة قتل سلمى بهجت عمداً مع سبق الإصرار والترصد.
أماني تُقتل.. والقاتل ينتحر.. والجريمة تتكرر!
الجريمة الرابعة التي هزت مصر، جاءت بعدما أطلق شاب النار من “خرطوش” باتجاه طالبة جامعية تدعى أماني بحجة أنه طلب الارتباط بها، ورفض طلبه، مكرراً بعدها نفس مسلسل العنف المأساوي، الذي يرتكب بسم “الحب”.
وفي تفاصيل الجريمة، فقد أكد أهل الضحية أن المتهم بقتلها يسكن في نهاية الشارع ذاته، وطالما حاول اعتراضها بالمعاكسات، وطلب الزواج، لكنه لم يكن جدياً، لذا لم يتقدم لخطبتها باصطحاب أسرته، ودخول منزل الضحية مطلقاً.
وأكدت أسرة أماني أن ابنتهم اشتكت من مضايقات الشاب مراراً. وعقب خروجها من المنزل قاصدة االمخبزب لدفع ثمن الخبز، وعقب عودتها، وأثناء دخول المنزل باغتها بطلقة من سلاح ناري “خرطوش” تسبب في وفاتها.
وفي مفاجأة غير متوقعة، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، انتحار المتهم في الواقعة، وذلك بعدما أمر النائب العام المصري بسرعة إنهاء التحقيقات في مقتل الطالبة أماني.
ريما..
حرقها حية على الملأ لأنها رفضت الزواج منه!
حتى وقت نقاشنا لهذه الظاهرة ما زالت حادثة الفتاة الجزائرية ريما، التي تصارع الموت بعد أن أحرقها شاب رفضت الزواج منه، تثير تفاعلا واسعا على مواقع التواصل ولدى جمعيات نسوية حذرت من ظاهرة تصاعد “قتل النساء” في المجتمع العربي.
الحادثة المأساوية وقعت يوم 26 سبتمبر الماضي، حين كانت الشابة ريما عنان البالغة من العمر 28 عاما، تنتظر الحافلة في إحدى قرى ولاية تيزو وزو بمنطقة القبائل، لتلتحق بالمدرسة التي تعلّم فيها اللغة الفرنسية، لتُفاجأ بشاب يسير نحوها ويسكب عليها البنزين ثم يقوم بحرقها على الملأ.
ووفق روايات لأقارب الضحية على مواقع التواصل، فإن هذا الشاب كان يريد الزواج بـ “ريما” لكنها رفضت ذلك، فبدأ بمضايقتها، حتى إن والدها قصد أهل الشاب وأخبرهم بالأمر، لكن محاولته لم تفلح لإبعاده عن طريق ابنته، ولم يكن أحد يتوقع أن يصل الأمر بهذا الشخص لارتكاب هذه الجريمة البشعة.
وبمعرفة مصير قاتل الطالبة الجامعية أماني وإيمان يبقى مصير قاتل نيرة وسلمى مجهولاً في ظل معطيات المحاكمات المتغيرة بناءً على ما تتقدم به هيئات الدفاع عن كلا المتهمين.
ولكن الراسخ الثابت في الجرائم هو سؤال يبحث الجميع عن إجابة عنه: هل أصبح رفض الشاب للارتباط بأي فتاة جريمة شنيعة؟ وهل أصبحت الفتاة، وخاصة طالبة الجامعة تهدد وتقتل من شاب طائش لمجرد أنه طلب يدها للزواج ولم توافق عليه؟
الاختصاصية النفسية هيفاء إبراهيم:
ليس للقتل مبرر.. ولكن!
وعن الأسباب والدوافع التي تكون وراء جرائم القتل هذه، تقول الاختصاصية النفسية هيفاء إبراهيم: بمجرد ذكر مقتل فتاة في مجتمعاتنا العربية فأول ما يتبادر الى الذهن أنها جريمة شرف وما أكثرها وأقساها، ولكن جرائم القتل بحق هؤلاء الفتيات تختلف تماما وتشترك جميعاً في كونها تمت بدافع الحب، صدق الأصمعى حين قال “ومن الحب ما قتل”، وصغر سن القاتل والضحية وتخطيط وإصرار القاتل على جريمته وتهديد الضحية والإعلان عما ينوي فعله فلم تكن الجريمة لحظة غضب أو جنون مفاجئ أصاب القاتل وقتها، ولكن تم التخطيط لها وتنفيذها علناً كأنها انتصار قام بتحقيقه وبمنتهى العنف، وكأن قتل الضحية فقط لم يطفئ نار الغضب والانتقام بداخله لرفضها له.
الجدير بالذكر هنا أن هناك جرائم قتل بشعة تمت بحق سيدات لمجرد محاولتهن الطلاق والانفصال عن الزوج، ومن الأسباب التي يرجح علماء النفس أنها وراء انتشار تلك الجرائم مثل النار في الهشيم:
تعاطي المخدرات
يعد من أهم وأقوى الأسباب وراء تلك النوعية من الجرائم، غياب العقل والقوة الزائفة التي يسببها تعاطي المخدرات والهلاوس قد تدفع القاتل لفعل تلك الجريمة بدماء باردة ودون الإحساس بالذنب أو الخوف سواء على الضحية أو على نفسه ومستقبله.
انتشار العنف غير المبرر عالمياً
أصبحت أخبار القتل والاغتصاب والحروب بالأمر العادي، فيكفي أن تشغل التلفاز أو تجلس على مواقع التواصل الاجتماعي حتى تنهال عليك مشاهد الحروب والعنف والقتل وكأن العالم ينتهي من حولك.
غياب دور الأسرة واحتواؤها للأبناء
كل تلك الجرائم سبقها إعلان وربما قبل تنفيذها بوقت طويل، فلم نجد تدخلا من الأهل والأصدقاء لمنع القاتل ونصحه، ربما كانت كل تلك الرسائل التي يوجهها القاتل عبر السوشيال ميديا قبل تنفيذ جريمته استغاثة للمساعدة، وكذلك أغلب الضحايا رغم تهديدهم بالقتل لم يلجأوا لإخبار الأهل.
قلة الدين والبُعد عن الله
من الأسباب التي أدت لانتشار تلك الجرائم بقوة ضعف الوازع الديني، فالقرب من الله يهذب النفس ويجعلها تميل للخير وترفض العنف وتستنكره.
عدم الاعتراف بالمرض النفسي
ما زال حتى الآن في المجتمع العربي صعوبة بالاعتراف بوجود مشكلة نفسية والحاجة للذهاب لطبيب أو اختصاصي نفسي لطلب الدعم والعلاج.
الشهرة
أصبح هناك توجه بين الشباب وهوس بالشهرة سببه منصات التواصل الاجتماعي، فأصبح الكذب والخداع والتضليل وكل شيء مشروعا من أجل الشهرة، وحتى جرائم القتل التي أصبحت تتم أمام الكاميرات وفي العلن ورغبة بعض القتلة في إجراء المقابلات التلفزيونية والأحاديث الصحافية، رغم أن الطبيعي يتوارى خجلاً من فعلته.
بروفيسور علم الجريمة جين سميث:
قرابة 400 جريمة ناتجة عن دوافع عاطفية
جين سميث، بروفيسور علم الجريمة بجامعة جلوستشير البريطانية، حللت قرابة 400 جريمة ناتجة عن دوافع عاطفية، لتحديد 8 سلوكيات يمكن التعرف على قاتل محتمل من خلالها.
وتقول خبيرة بريطانية في علم الإجرام إن الرجال الذين قتلوا شريكاتهم اتبعوا نسقا معينًا يمكن للشرطة أن تستدل به للحيلولة دون وقوع المزيد من هذا النوع من جرائم القتل.
من العلامات المبكرة وجود
ماض عنيف لدى القاتل
وبحسب الدراسة، من أولى العلامات المبكرة، وجود ماض عنيف لدى القاتل من مضايقات للمحيطين به، أو تعديه بالضرب على أحد من الأشخاص.
وتضيف جين أن العلامة التالية تكون ببداية صلة القاتل بضحيته، إذ يشوب تعامله معها، سواء كانت علاقة من طرفين أو من طرف واحد، التسبب في المشكلات باستمرار.
ويتلو تلك المرحلة ظهور الرغبة في التحكم والامتلاك للضحية من قبل القاتل المحتمل، وميله نحو فرض السيطرة المطلقة عليها.
وتكون المرحلة الرابعة هي الفارقة، بظهور تهديد لسيطرة القاتل المحتمل، سواء برفض الضحية العلاقة معه أو بتعرضه لأزمة تهدد استمرار سيطرته على الضحية، كالأزمات المادية.
وتكون المرحلة الخامسة بتوجه القاتل المحتمل نحو أسلوب التهديد والمضايقة للضحية.
ويكون السلوك السادس للجاني – بحسب الدراسة – ميله للتفكير الانتقامي بدلاً من الاستسلام لرفض الضحية له.
وتكون المرحلة السابعة هي مرحلة التخطيط، وتظهر لدى المحيطين بالجاني عند ظهور اهتمامه باقتناء الأسلحة والحديث عنها، وتظهر لدى الضحية بمحاولات من قبل الجاني للانفراد بها واستمرار تتبع حركتها.
وفي حالة عدم تدارك الأمر من قبل ذوي الجاني، أو أخذ الضحية الحذر، تقع المرحلة الأخيرة، وهي تنفيذ الجاني لجريمته بقتل الضحية، أو قتل أي من ذويها رغبة في الانتقام.