وقّعت الكاتبة الروائية هيفاء رحو روايتها «هل أنت منهم» في جناح ذات السلاسل دار منصور في معرض الكتاب الدولي الأخير بالكويت. الرواية تتحدث عن جنون البشر من حولنا وهو جنون بجميع أنواعه وأشكاله وبطلة القصة اسمها فرح تروي قصة حياتها المليئة ببشر مجنون والأحداث التي اقتبستها من حياتها مع زوجها وأيضا من حياة الأشخاص المقربين منها ودائما تتساءل: هل المجانين هم القابعون خلف قضبان المشفى أم هم من ينعمون بحياة هانئة من حولنا يوما بيوم وكل يوم؟
التقينا هيفاء رحو لنكتشف عالمها الروائي خاصة أنها الرواية الأولى لها فماذا قالت؟
قرأت لنجيب محفوظ والسباعي ومنيف وأجاثا كريستي
في البداية نريد أن نقدمك إلى القارئ خاصة أن هذه هي روايتك الأولى؟
– اسمي هيفاء رحو مغربية ولست لبنانية كما يتصور البعض وأتشرف بكل الجنسيات العربية، أعيش في الكويت منذ سنوات طويلة، متفرغة ولا أعمل في وظيفة معينة، متزوجة من فلسطيني وأعيش حياة اجتماعية هادئة ومستقرة والحمد لله.
كيف اكتشفت موهبة الكتابة لديك وما الذي دفعك لكتابة روايتك الأولى؟
– في الحقيقة لم أكن أعلم أنني أتمتع بهذه الموهبة لكن كنت حريصة جدا على قراءة روايات أديب نوبل العالمي نجيب محفوظ وأدخل عالمه وحواريه وأتعايش مع شخصياته الثرية، كذلك إحسان عبد القدوس وثروت أباظة ويوسف السباعي وحنا مينة وعبدالرحمن منيف وكثير من الروائيين العرب الذين استمتعت بكتاباتهم وعشقتها، وفي الغرب عشقت روايات أجاثا كريستي وعالم الجريمة والبوليسية والإثارة والغموض وروايات الفرنسي إميل زولا وغيرهم مما أكسبني متعة القراءة وحرفية الكتابة دون أن أدري وعندما جاءتني الفكرة وجدت المشاعر كلها تنزل على الورق.
بناء الشخصيات
كيف تكونت لديك هذه الرواية؟
– عندما بدأت كتابة هذه الرواية وجدتني أكتب بشكل سلس ومنظم والشخصيات تفرض نفسها على الورق وتتوالى أحداثها وربما كانت أفكاري تسبق قلمي في الكتابة وهكذا أصبحت لديّ هذه الرواية.
ماذا تقولين عن روايتك «هل أنت منهم» المثيرة للجدل كما يبدو وفيها عمق فلسفي؟
– بطلة القصة اسمها فرح تحكي عن أن المجانين ليسوا هم من يعيشون خلف أسوار المستشفيات الخاصة بالأمراض العقلية وإنما الجنون يكمن فيمن يعيشون حولنا ونتعامل معهم ونتعايش وأن كل إنسان لديه نوع من أنواع الجنون وتحكي قصتها مع زوجها وصاحباتها ولديها قناعات معينة لنتعرف ما هو الجنون عند كل شخصية بالقصة فقناعاتها أن كل إنسان لديه نوع من أنواع الجنون سواء في لبسه أو في تصرفاته أو أفعاله أو حركاته أو طريقته في التعامل أو في نظراته، وهكذا.
الرواية واقعية بامتياز وشخصياتي من لحم ودم كأنك تعرفها
روايتك الأولى كيف تصنفينها؟
– هي واقعية بامتياز من قلب أحداث الحياة، مشحونة بالعواطف، شخصيات من لحم ودم تشعر بأنك تعرفهم والتقيت معهم هم ليسوا غرباء عنك أو مفتعلين أو مصنوعين بحبكة روائية بل شخصيات طبيعية عادية لكن لديهم هذا الهاجس من الجنون فهي مليئة بمشاعر الغضب والحب والفرح والحزن، مشاعر إنسانية متنوعة ومتقلبة.
فيلم سينمائي
هل تتوقعين أن تتحول إلى فيلم سينمائي، خاصة أن بها مواقف درامية وغريبة الى حد ما؟
– أتواصل مع بعض كتاب السيناريو لتحويلها إلى فيلم سينمائي لأنها مليئة بالمواقف الدرامية المشحونة التي يمكن أن تغري كتاب السيناريو أو المخرجين لكي يتحمسوا لإنتاجها خاصة أنها ليست قصة تقليدية كقصص الحب العادية أو الرومانسية فقط وإنما مختلفة وتجمع الكثير من الأحداث والمواقف.
كيف رصدت حركة شخصيات روايتك «هل أنت منهم» هل تم ذلك من خلال مشاهداتك اليومية أم من خلال ما تلتقطينه شفاهة أو تسمعينه؟ أم انك تبحثين عن هذه الشخصيات انطلاقاً من دافع مسؤولية الكاتب أمام التاريخ والإنسان؟
– الروائي مرتهن للمؤثرات التي يعايشها في مجتمعه من أحداث وأقوال، فالمبدع ابن بيئته وفيّ لقضايا وأحلام هؤلاء الأفراد الذين ينتمي إليهم مكاناً وزماناً ويحمل همومهم وهواجسهم ليعبر عنها في إبداعات في قالبٍ سرديٍ يجول بالقارئ وبي شخصياً نحو عوالم من الدهشة والبوح وهو الحامل والمؤتمن على قيم مجتمعه والناقل الحريص لتراثه وحضارته ومن هنا تأتي مصداقيته أمام القارئ وقبل ذلك أمام نفسه أولاً ورضاه عما يبدع شخصياً.
القصة القصيرة
الرواية والقصة تنتميان الى عائلة سردية واحدة فهل تفكرين في كتابة القصة القصيرة؟
– كتابة الرواية تحتاج إلى الصبر والأناة والنفس الطويل والكثير من الجدية والجهد حد الإرهاق الذهني وأنت تمسك بخيوط اللعبة وتعزف لحنك المتفرد على أوتار الشخوص المختلفة بكل صراعاتها وتناقضاتها حتى تصل بها إلى بر الأمان لكن القصة القصيرة نصوص سردية مكثّفة اللغة والحدث ربما ألجأ إليها حينما يأتي وقتها لكن في الوقت الحاضر أركز على الرواية.
كيف تبدو لك لحظة الكتابة وماذا تقولين عنها؟
– ليس هناك أصعب على الكاتب عندما يعاني أزمة المخاض ولحظة ولادة العمل الإبداعي فأنا دائماً في داخلي قلق لا يغادرني خوفاً من أنني إذا عملت بوتيرة بطيئة سوف تغادرني شرارة الإلهام فيفقد قلمي مرونته وأخسر إيقاعي في الكتابة لأجد صعوبة بالعودة إليه مما يجعلني دائماً برسم انتظار لحظات انبثاق فكرة عمل لتغادرني إلى الورق فالكتابة بالنسبة لي هي الحياة تخفي في داخلها حالة خاصة وخاصة جداً بها أستدعي حكايات تنتظر أن تروى وبها يتسنى لي أن أعيش لحظات أتمنى لو كنت عشتها أو أعيشها الآن أو في المستقبل.
المبدع العربي
كيف ترى هيفاء رحو مسؤولية المبدع في صنع المستقبل العربي؟
– الكلمة والإبداع تعبير عن حالة نفسية تتأثر بمحيطها وإنسانية تلخص موقف الكاتب من الحياة وتصوغ هذا الموقف في القالب الإبداعي الذي اختاره المبدع ليعلن مشروعه ويطرح قضيته وليس بوسع المبدع أن يغفل سمات الزمان والمكان في تعامله وتعبيره عن الأحداث والقضايا المصيرية التي تساهم في تشكيل المستقبل الكتابة ليست لأنها تجعل الحياة أجمل فحسب فالكاتب قادر على صناعة الوعي ومن ثم التغيير والارتقاء بالمجتمع إلى ما هو أفضل وأسمى ليبرز السؤال: هل نريد إبداعاً وفناً لأجل الفن أم نريد الهدف الأسمى لهذا الفن وهو الإنسان؟
ما الذي تريدينه من الكتابة؟ وبماذا تحلمين؟ وماذا عن تصورك للمستقبل؟
– بالطبع أريد التعبير عن ذاتي ومجتمعي من وجهة نظري وأحلم بالمشاركة عبر كتاباتي في الاتجاه به نحو عالم أفضل مما هو عليه الآن ودائما أبحث عن تجربة جديدة وغريبة ليست تقليدية كالصياد المحترف الذي يبحث عن طريدة لم تقع عليها عين إنس ولا جان فأنا دائماً في حلم أن يكون كل عمل أدبي لي إضافة نوعية للحراك الإبداعي وأؤمن أن القادم هو الأجمل.