(DEJA SCARF) من الإيشاربات للكيمونو.. إلى التنانير اللف.. والبقية تأتي نهال محمد مصممة أزياء بدرجة مهندسة: ضغوطاتي تختفي عندما أختلي بنفسي وماكينة الخياطة!

نهال محمد (37 عاما) تخلت عن حلم الطفولة بالرسم والتفصيل واللعب بالألوان لتحقق حلم والدها بأن تستكمل مشواره في مجال الهندسة ثم تجبرها ظروف أسرتها ومرض ابنتها الكبرى على التخلي للمرة الثانية عن وظيفتها مهندسة كهرباء والتفرغ لرعايتهم ومتابعة أطباء وعلاجات ابنتها، ولكن «لكل مجتهد نصيب»، وكان نصيبها هو العودة إلى حلمها الأول، ولكن بمنظور جديد ومتطور لتتحول خلال عامين من المثابرة والعمل المتواصل إلى اسم براق في عالم الموضة والأزياء، ولتكون تصميماتها مثار إعجاب الفتيات والسيدات بشكل عام والمحجبات بشكل خاص.
كان يجب أن أفعل شيئاً لنفسي لأتخلص من كل الطاقات السلبية بداخلي!
تخرجت نهال محمد في كلية الهندسة قسم كهرباء، وعملت لمدة سبع سنوات متواصلة في مجال دراستها حتى تزوجت وحملت في ابنتها الكبرى خديجة (10 سنوات)، وبسبب ظروف ابنتها الصحية اضطرت نهال إلى طلب إجازة لمدة عام لرعايتها التي كانت تتطلب مراجعات طبية متواصلة داخل وخارج المنزل، وبعد انتهاء الإجازة عادت للعمل مرة أخرى، ولكن بعد سبعة أشهر كان عليها أن تختار ما بين حياتها المهنية وطموحاتها المستقبلية وبين رعاية ابنتها، وكانت الكفة الراجحة بالقطع لصالح الابنة والأسرة.
بعد ثلاث سنوات قررت نهال أن تخاوي خديجة فحملت في ابنتها الثانية عالية (6 سنوات) لتزيد عليها المسؤوليات أضعافا مضاعفة وتتوزع طاقتها بين أطباء ومراعاة خديجة وبين متطلبات الأسرة بما فيها الطفلة الرضيعة.
وتقول نهال إنها بدأت تشعر في تلك المرحلة الحرجة من حياتها بالانهيار “ابتديت أحس بالانهيار النفسي” فكل طاقتي كانت منصبة على رعاية الأسرة، أما هي كإنسانة ومهندسة فقد توارت أحلامها وطموحاتها واختفت مع توالي الأحداث.
أنا أحب الرسم وموهوبة في تنسيق الألوان
وتضيف: هنا كان لا بد لي من وقفة لاستعادة توازني النفسي والتخلص من الطاقات السلبية التي أحاطت بي “فكرت ما الذي يمكن أن ينتشلني مما أنا فيه، وهنا راودني حلم الطفولة من جديد”.. “أنا أحب الرسم وموهوبة في تنسيق الألوان، ولطالما كنت أنفذ حقائب من الورق وألصق عليها رسوماتي بأوراق القص واللزق.. نعم أتذكر الفساتين التي كنت أخيطها لألعابي، وأتذكر أيضا كيف كنت مثار إعجاب صديقات العمل بسبب قدرتي على تنسيق الألوان غير المتوقعة”.
وتستطرد أنها لم تنمّ تلك الموهبة بالدراسة لتحقق حلم والدها المهندس محمد الذي توفاه الله وهي في الصف الأول من المرحلة الثانوية، حيث طلب من أبنائه الثلاثة أن يستكملوا مسيرته المهنية، فدرست وسهرت الليالي وتفوقت في المواد العلمية لتحصل على المعدل الذي تطلبه كلية الهندسة. وتضيف “كنت متفوقة جداً في مادة الرسومات الهندسية والهندسة الوصفية، وكان لي خيال واسع في هذا المجال”، ولكنها لم تستطع دخول قسم عمارة الذي كان من الممكن أن يلتقي مع موهبتها كرسامة لرفض والدتها ذلك بسبب الظروف القاسية للدراسة بهذا القسم والتى تتطلب السهر ليلا فى الكثير من الأحيان والمبيت خارج المنزل فى احيان اخرى.
التحقت الطالبة نهال بقسم الكهرباء لتتقلص موهبتها وتتحول إلى بعض الرسومات التي ترسمها على هوامش الكتب أثناء المذاكرة.
الآن يمكن أن تعود إلى حلمها الأول، حيث تقول “طلبت من زوجي أن أتعلم الخياطة من خلال كورسات متخصصة، وهو ما اعتبره كل من حولي ضربا من الجنون، فكيف سأستطيع التوفيق بين مسؤولياتى الأسرية، خصوصاً أن ابنتي الصغرى لم تكمل ستة أشهر من عمرها، وابنتي الكبرى بكل متطلباتها الصحية”.
كل إنسان يعرف دواءه
صحيح كانت المرحلة حرجة لكن “كل واحد منا يعرف دواءه”، والكلام هنا لنهال التي قالت إنها “في هذا الوقت كنت سأصاب بالجنون” إذا ما استمرت حياتها على نفس المنوال “كان يجب أن أفعل شيئا لنفسي لأتخلص من كل الطاقات السلبية بداخلي”. وأضافت أنها لم تأبه بردود أفعال من حولها، وبالفعل التحقت بدورة مكثفة لتعلم فنون الخياطة وتفوقت فيها، حيث كانت تقوم بكل واجباتها اليومية كزوجة وأم بالنهار وتسهر طوال الليل ترسم “الباترونات” وتنفذها، وهو ما مكنها من الانتهاء من الكورس في شهر ونصف الشهر فقط، وهو ما اعتبره معلموها إنجازاً غير مسبوق.
بعد أسبوع واحد فقط من الانتهاء من كورس الخياطة كان على نهال أن تلتحق بكورس آخر مختلف تماما، حيث كان يخص علاج ابنتها.
«لم يصدق أحد أن هذه الملابس من عملي»!
بدأت بنفسي وبناتي أولاً
وكأي مصمم أزياء بدأت نهال بالتصميم لنفسها وابنتها، حيث كانت ترسم بيدها على الأقمشة وتقوم بقصها بتنفيذها حتى تنتهي منها تماما “لم يصدق أحد أن هذه الملابس من عملي”، والمفارقة أن كل من اتهموني في البداية بالجنون هم من كانوا يدفعون بي لعمل مشروع يتناسب مع حجم موهبتي”.
”أنا عاشقة لما أعمل الآن، فمهما كان حجم الضغوطات اليومية وتعبها فإنها تختفي تماما بمجرد أن أختلي بنفسي وبماكينة الخياطة والأقمشة”. وتضيف “الحب بيني وبينهم بيزيد يوم بعد التاني.. أنا بحس إني بروح لعالم تاني خالص لا علاقة له نهائيا بعالمي الواقعي بكل ما فيه من مسؤوليات جسام.. كل شيء بيتمسح بالمحاية وكأنه نسيا منسيا”.
إيشارباتي قطع فنية ولكن!
عندما فكرت في عمل مشروع تجاري كانت التحديات كبيرة جدا، وكان السؤال المعهود حول إمكانية التوفيق بين مشروعي والتزاماتي هو ما يقف عائقا بين ما أريد وما أستطيع عمله، وكانت فكرة الدخول في الملابس صعبة جدا، لذا وقع الاختيار في بداية عام 2020 على تصميم الإيشاربات بسبب سهولة تصنيعها من ناحية واحتياج السوق آنذاك لها من ناحية أخرى، وبالفعل بدأت بفكرة عمل رسومات ديجيتال من تصميمي بالفوتوشوب ومن ثم طباعتها على الخامات. “كنت أتعامل مع كل ايشارب على أنه قطعة فنية قائمة بذاتها” وبدأت مشروعي فعليا وأطلقت على البراند الجديد اسم “ديجا سكارف” (D E J A SCARF) نجحت التجربة ولاقت إقبالا غير متوقع. ولكن هذا التخصص لم يكن يرضي المصممة بالشكل المطلوب. حيث قالت “كنت أشعر بأن 60% من تفاصيل الرسومات تختفي بمجرد لف الطرحة أو الإيشارب على الرأس والرقبة”، لذا فكرت في تطوير المشروع والدخول في عالم الملابس تدريجيا.
الكيمونو هو البديل
لم يكن الاختيار سهلا، ولكن كان الكيمونو هو الفكرة الأسهل والأقرب إلى ظروفي، وبالفعل بدأت في صيف 2021 بإطلاق تشكيلة من التصميمات التي سرعان ما لاقت إقبالا كبيرا، فكل تصميم يعد قطعة فنية قائمة بذاتها ومرسومة ومنفذة بمنتهى الإتقان والعناية، إلى جانب كونها من الموديلات التي تناسب معظم السيدات أيا كانت أعمارهن أو أحجامهن، وخصوصا المحجبات.
وأضافت أنها تستهدف تلك الفئة من النساء بسبب معاناتهن في العثور على الملابس المناسبة لهن من حيث الخامات والموديلات التي تحتاج في أغلب الأحيان إلى التعديل كي تتناسب معهن. وقالت: أغلب الموجود في السوق إما شفاف أو مفتوح من مناطق لا تتناسب مع الحجاب.
واستطردت: أنا أختار الخامات التي تجمع بين الراحة والأناقة والتي تناسب السيدة الملتزمة بحيث لا تشف ولا تتطلب ارتداء طبقات من الملابس تحتها خصوصا في فصل الصيف الحار. وأشارت إلى أنها شخصياً تفضل استخدام خامة الكريب التي تلبي متطلباتها السالفة الذكر إلى كونها قابلة للطباعة عليها.
وأضافت أنها تفضل أيضا خامات الشيفون والشيفون كريب إلى جانب الكريب، في إشارة إلى أنها من الخامات التي يمكن الطباعة عليها حسب الإمكانيات المحلية للتصنيع. وانها قابلة للطباعة عليها، علما بأنها كانت فى تلك المرحلة ترسم وتلون بيدها على جهاز الآيباد ومن ثم تقوم بطباعة ما رسمته على الخامات.
وفي موسم الشتاء من نفس العام قدمت المصممة تشكيلة مختارة من الكابات “ذات الوجهين”، فكل وجه منهما يحمل رسمة مختلفة تماماً عن الوجه الآخر من حيث التصميم والألوان المستخدمة، مما يعطي العميلة ميزة إضافية وكأنها اشترت قطعتين لا واحدة.
من DEJA SCRAF إلى DEJA DESIGNS
وإلى جانب الكابات والكيمونو والايشاربات أدخلت نهال الأحزمة وحقائب اليد التي تحمل نفس فكرة الرسومات المطبوعة عليها، وهذا الصيف زادت التنانير الأنيقة على تصميماتها، ووسعت من خطوط إنتاجها وبالتالي غيرت اسم البراند من “ديجا سكارف” إلى “ديجا ديزاينز”.
وقالت إنها من عشاق التنانير التي تضفي الكثير من الأنوثة على السيدة التي ترتديها، مشيرة إلى أنها تكاد تختفي بالرغم من أنها من القطع التي يمكن أن تتناسب مع أي سيدة، خصوصا الموديل الملفوف الذي قدمته بعدة أشكال في صيف ٢٠٢٢ ضمن تشكيلة كبيرة من التصميمات التى تضمنت القمصان والكابات والفساتين والاكسسوارات وغيرها من التصميمات المبهجة التى تتناسب مع هذا الموسم.
وعن مشاريعها المستقبلية، أكدت نهال أنها تحلم بأن تنتشر علامتها التجارية D E J A DESIGNS محليا وعالميا، وأن يكون لها متاجرها الخاصة بها على مستوى الجمهورية وخارجها.