الولد المشاغب: مات والدي فشعرت بالضياع!
الولد الشقي أصبح في سن التاسعة من عمره، مات والده، شعر بالضياع. قالت له أمه سننتقل الى قرية أخرى، جهِّز نفسك.. سافر مع أمه من القرية القديمة الى قرية أخرى سيراً على الأقدام. الطريق كان صخرياً غير مرصوف.. بدأت الشمس تغيب، توقف مع أمه في مكان محاط بالأشجار، وفي مدخل المنزل الذي نزل فيه أشجار السنط تزينه، قطعان الماشية ترعى، الأرض عتية، لفت نظره منظر الثراء.. ولفت نظره أيضاً اجتماع يحضره أكثر من 20 رئيساً قبلياً.
فجأة دخلت سيارة مسرعة، وقف الرجال الجالسون، رفعوا قبعاتهم تقديراً للقادم في السياسة ويقولون في صوت واحد «مرحبا جيوجنتايا»، عندما توقفت السيارة نزل منها رجل قصير، متين، أنيق، له حضور قوي، تتطلع إليه كل العيون، صافح كل الرجال الذين كانوا جالسين تحت الأشجار، ويقول الولد الشقي: «اكتشفت أنهم أعلى سلطة قانونية في تمبولاند».
ودارت الأيام..
يقول الولد الشقي:
«هذا الحاكم أصبح ولي نعمتي..» ويقول:
لم يكن لدي طموح، كل ما كنت أطمح إليه الطعام الجيد، وبطولة المبارزة بالعصي.
ويضيف: فجأة انفتح أمامي عالم جديد، أدركت أن أمامي أشياء أكثر من مجرد الطعام أو أن أكون بطل المبارزة بالعصي!
ودارت الأيام..
الحاكم عرض أن يكون وصياً عليَّ، أن أكون واحد من أبنائه، والدتي وافقت، صحيح ستفتقدني لكنها كانت تدرك معنى أن أكون في رعاية الحاكم، وان هذا الحاكم سيرد نوعاً من جميل والدي عليه، والتحقت بالمدرسة، درست اللغة الإنجليزية والتاريخ والجغرافيا ولغة «الاكسهوسا» اللغة الوطنية.
ودارت الأيام..
استمرت مسيرة الولد الشقي.
في عام1927 كان الولد الشقي في الثامنة عشرة من عمره، التحق بكلية الإرسالية في «فورت بوفورت»، كان المستوطنون البيض ينتزعون ملكية الأراضي من القبائل، أصبحت المدينة مدينة للبيض.
كان مدير الكلية رجل متين، كان يفخر بأنه من سلالة «دوق ويلنجتون» القائد الذي هزم نابليون وأقام حضارة أوروبا والوطنية في جنوب أفريقيا، وكان يتولى تعليم الوطنيين الأفارقة، كان الإنجليزي المتعلم المثل الأعلى للأفارقة.
ويقول الولد الشقي: كأن كل ما نتطلع إليه هو أن نكون «إنجليز سود». ويضيف: كنا نعتقد أن أفضل الأفكار هي الأفكار الانجليزية وأن أفضل الحكومات هي الحكومة الإنجليزية وأن أفضل الرجال هم الانجليز.
ودارت الأيام..
كلية نورت هير في إقليم «وليس» كانت المكان الوحيد للدراسة الجامعية للسود في جنوب أفريقيا، في عام 1960 الولد الشقي التحق بالجامعة، كان عمره 21 سنة، كان عدد الدارسين بالجامعة 150 دارسا، ويقول الولد الشقي:
كل المعاهد التي درست فيها كانت توصف بأنها «استعمارية» لكني كنت أرى أن ما فائدتها أكثر من ضررها.
شارك الولد الشقي في الأنشطة الرياضية بالجامعة وخاصة في كرة القدم، وجري المسافات الطويلة.
ويقول الولد الشقي:
«لأول مرة ارتديت البيجاما واستعملت فرشة الأسنان والمعجون، وكنا نتابع بشدة تطورات الحرب العالمية الثانية، كنت أؤيد بريطانيا ضد ألمانيا، كنا نجتمع في المساء لسماع خطب تشرشل».
ودارت الأيام..
في عام 1941 طلب الحاكم أن يرى الولد الشقي، كان لطيفاً معه، عامله بأبوة، وفي عام 1942 انتقل الولد الشقي للسكن في منطقة بالغرب من وسط المدينة لتوفير أجور المواصلات!
ودارت الأيام..
مسيرة الولد الشقي مستمرة..
ونحن مستمرون معه.. في العدد المقبل.