ترسم بالكلمات صراعات النفس الروايات السيكولوجية.. تحكي قصصنا براوٍ يشفينا
القصص التي نرويها لأنفسنا تؤثر على عملية صنع القرار لدينا بطرق عميقة، كما تقول المعالجة النفسية والمؤلفة الأكثر مبيعًا (سالي فيكرز).. وأحد الأسباب التي تجعل الروايات السيكولوجية جذابة ومشوقة ومطلوبة دائما أنها تروي القصص الإنسانية بأسلوب يكشف قصة الذات لإنسان مثلنا.. لأن لدينا جميعًا قصة عن أنفسنا، وتحتاج هذه القصة عن أنفسنا من يوضحها لنا بطريقة خلاقة شافية، وهذا ما تفعله الروايات السيكولوجية!
ومن ضمن الروايات السيكولوجية التي يوصي بقراءتها موقع فايفبوكس والتي تتعمق في سيكولوجية الذات والمجتمع:
«توقعات عظيمة».. عليك أن تلعب الأوراق التي يتم توزيعها عليك! هذا أحد دروس الحياة العظيمة!
«توقعات عظيمة» – تشارلز ديكنز
تعد من أفضل أعمال ديكنز وواحدة من أكثر رواياته شعبية، وتم تجسيدها على المسرح والشاشة أكثر من 250 مرة.
تتحدث «توقعات عظيمة» عن قصة (بيب) الطفل اليتيم، من طفولته المبكرة حتى بلوغه ثم محاولته لإدراك النبل والأخلاق أثناء مسيرته تلك. وتجري أحداثها من عشية عيد الميلاد عام 1812 عندما كان (بيب) في السابعة من عمره، وحتى شتاء 1840.. في هذه الرواية الرائعة المشوقة يصور ديكنز التطور الشخصي للبطل اليتيم الملقب (بيب)، فهل نمو الشخصية قطعة بقطعة – الصراع بين الطبيعة والتنشئة، هو ما يجعل هذه الرواية ناجحة جداً وشهيرة ومؤثرة؟
تبدأ الرواية بزيارة (بيب) بطل الرواية إلى قبر أبويه فيقابل سجينا هاربا ويطلب منه أن يحضر له في اليوم التالي بعض الطعام، وبالفعل يحضر (بيب) المطلوب منه ويلجأ الى سرقة الطعام من بيت اخته التي كان يسكن معها وزوجها (جون!).
كانت أكبر أمنيات “بيب” أن يعمل صبي حداد في ورشة جو، وبالفعل تم تحقيق الحلم، ولكنه لم يشعر بالسعادة قط من هذه المهنة.. إلى أن جاءت الفرصة له على طبق من فضة، فقد تبرع أحد المحسنين لكي يصبح “بيب” (جنتلمان) وحصل على مبلغ من المال ليسافر إلى لندن ليتعلم هناك، وبالفعل تعلم وأصبح رجلاً له مكانته، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد أحب بيب (استلا)، ولكن لم تكن هي تبادله نفس الشعور.. فكيف سيقضي حياته؟
هي رواية نفسية بامتياز.. فيها يحكي ويكتب البطل الراشد حياته وماضيه عندما نظر إلى الوراء في حياته، وهنا تتحول القصة التي يسترجعها البطل بذكرياتها إلى نسخة مطولة لما قد يحدث في جلسة تحليل نفسي طويلة ومتعمقة للغاية وصادقة، لذلك تحصل كقارئ على فرصة أن تطلع على قصة تخضع للتحليل النفسي الرائع والذي لا يمكنك أن تحصل عليه في الحياة إلا في التحليل النفسي داخل عيادة نفسية!
في هذه الراوية البطل (بيب) يحاول تذكر حياته الماضية كي يكتشف متى أصبح (أعمى) عن الحقيقة وعن الحق، ومتى تراجع عن قيمه الأخلاقية. فيبدو لنفسه على انه كان ذلك الشاب الساذج والجاهل.. وكأنه اكتشف نقاط ضعفه الأخلاقية والنفسية واتضحت له تماماً، وهنا تتغير حياته تماماً وبالطبع نفسه أولاً!
إنها الرحلة العظيمة لإعادة اكتشاف أنفسنا من جديد!
«الجريمة والعقاب».. تحولت إلى واحدة من أهم الروايات النفسية على مر تاريخ الأدب!
«الجريمة والعقاب» – فيودور دوستويفيسكي
هي رواية نفسية بالدرجة الأولى، بل من أهم وأشهر الروايات النفسية على مر الأدب النفسي.. كما تُصنف واحدة من أعظم الأعمال الأدبية في التاريخ حيث تُرجمت إلى معظم لغات العالم حتى الآن!
فكرة الرواية هو المقال الذي كتبه بطل الرواية عن الفرق بين الأشخاص العاديين وغير العاديين. تبدأ القصة بشخصية (روديون راسكولينكوف) الشاب الطالب الجامعي الفقير فقراً شديداً.. فيفكر في لحظة نفسية صعبة وتحت ضغط صراعه الداخلي المتقلب أن يقتل المرابية العجوز (إيفانوفنا) وسرقة أموالها بهدف التحرر من قيود الفقر، بل وإنقاذ حبيبته من الضياع!
لكنه وبمجرد ارتكابه للجريمة، يدخل في صراع ومعاناة نفسية تقضي على مبرراته التي دفعته الى القتل وتدخله في متاهات عقلية وجسدية.
في هذه الرواية يحاول المؤلف ربط الظروف الاجتماعية التي قد تدفع الشخص لارتكاب الجرائم بالحالة النفسية المعقدة داخل النفس البشرية.
هذه الرواية الفريدة من نوعها التي قسمت المجتمع الروسي وفقت صدورها بين مؤيد ومعارض، تحولت إلى أعمال فنية سينمائية ومسرحية كثيرة حول العالم وأصبحت من كلاسيكيات السينما والأدب.
في رواية «صورة سيدة» يعالج الكاتب بطريقة عميقة المشكلات النفسية الخاصة بالمرأة مثل الحرية الشخصية والمسؤولية والخيانة
«صورة سيدة» – هنري جيمس
إحدى أشهر روايات هنري جيمس الطويلة، ويعتبرها النقاد من أفضل أعماله. في هذه الرواية يعالج الكاتب بطريقة عميقة المشكلات النفسية الخاصة بالمرأة مثل الحرية الشخصية والمسؤولية والخيانة.
تدور أحداث هذه الرواية النفسية المهمة في أوروبا، ومعظمها في إنجلترا وإيطاليا حول قصة امرأة أميركية شابة مفعمة بالحيوية (إيزابيل آرتشر) والتي تحاول أن تتحدى مصيرها، لكن مصيرها يتغلب عليها! اشتهرت في بلدتها بذكائها المتقد والذي قلل عدد خطابها من الرجال. توفيت أمها وهي صغيرة ورباها والدها بطريقة عشوائية سامحا لها بأن تثقف نفسها وشجعها على الاستقلالية والاعتماد على النفس فأصبحت واسعة الاطلاع وخيالية وواثقة من نفسها ولكن أنانية نوعا ما.
ورثت “إيزابيل” أموالاً طويلة.. أصبحت مدام ميرل- صديقة عمتها الأنيقة والمهذبة- صديقة مقربة لـها بعد حصولها على الميراث.. وسافرت إلى فلورنس حيث تعرفت على جلبرت الذي أراد الزواج منها ليس فقط طمعا في مالها ولكن لأنها تمثل إضافة لمجموعته الفنية! ومع السنوات أصبحت (ايزابيل) مجرد مصدر للمال لزوجها الذي كان منزعجا من استقلاليتها وإصرارها على اتخاذ قراراتها بنفسها! أدركت مؤخراً أنها مجرد أداة في يدي زوجها ورغبته في القضاء على شخصيتها.. لكنها لم تفكر في تركه، التزاما منها باستقلاليتها ورغبتها في أن تكون زوجة مخلصة! لكنها دخلت في صراع نفسي حاد: هل تتخذ القرار بالرحيل عنه أم تبقى؟ هل تبحث عن السعادة في مكان آخر؟ قابلت الرجل الذي أحبها وعرض عليها أن تهرب معه، لكنه لم يجدها في اليوم التالي، فقد عادت إلى بيتها غير قادرة على تحطيم زواجها!