تحقيقات

سبعة أسباب وراء تراجع الدور السياسي للمرأة الكويتية

عام 2015 خلا من عضوية المرأة في مجلسي الأمة والبلدي

كوثر الجوعان:

قالت المحامية ورئيسة جمعية «معهد المرأة للتنمية والسلام» كوثر الجوعان إن التراجع الكبير في الدور السياسي للمرأة الكويتية يعود إلي سبعة أسباب، يأتي في مقدمتها تراجع دور الجمعيات النسائية في دعم وتشجيع المرأة، وأيضاً تراجع دور الحكومة في توزير عدد مناسب من الكويتيات.

وأوردت مجموعة وسائل يمكن أن تعيد للمرأة دورها السياسي، منها عودة الجمعيات النسائية وجمعيات النفع العام لدعم ومساندة المرأة بعد أن ركنت إلى جهودها السابقة التي ساهمت في حصول المرأة على حقها السياسي.

ودعت الجوعان إلى ضرورة تلاقي الجمعيات النسائية مع بعضها، مهما اختلفت توجهات كل جمعية.

وحول رؤيتها لما تحقق للمرأة الكويتية خلال عام 2015 قالت« إنه رغم تقلد الكويتية مناصب قيادية في القطاع الخاص، إلا أن التعيينات الحكومية في المجلس البلدي خلت من عضوية أية امرأة».

 

أوجزت المحامية كوثر الجوعان في لقائها مع «أسرتي» المراحل التي مرت بها عملية حصول المرأة على حقها السياسي بقولها:

إن المطالبة بهذا الحق أطلقتها الجمعيات النسائية بمساعدة أخيها الرجل منذ زمن، ففي مجلس 1971 تقدم النائب سالم خالد المرزوق بمشروع قانون يمنح المرأة الكويتية المتعلمة حق الانتخاب، إلا أن مشروعه لم يحظ بالتأييد المطلوب.

واستمرت المطالبات، حتى صدرت الرغبة الأميرية عام 1999 بإعطاء المرأة حقها السياسي.. ثم صدر مرسوم أميري وعرض على مجلس الأمة في نوفمبر 1999 إلا أنه قوبل بمعارضة أغلبية النواب بمن فيهم النواب المؤيدون للمرأة بحجة أن المرسوم لا يشكل ضرورة.

ودامت المطالبات بين رفض وتأييد حتى 16 مايو2005 حينما وافق مجلس الأمة في جلسته بذلك اليوم على منح المرأة الكويتية حق الترشح والانتخاب.

وبحصول المرأة على حقها السياسي، بدأ مباشرة توزيرها في مايو 2005. ومارست ذلك الحق فترشحت لعضوية المجلس البلدي عام 2005 ولم تفز بأي مقعد فعينت الحكومة ثلاث عضوات فيذلك المجلس.

وواصلت:

على صعيد الانتخاب والترشح لمجلس الأمة، ترشحت المرأة لأول مرة في انتخابات عام 2006 بثلاثين مرشحة لم تفز أي منهن بالعضوية.. ولكن محاولاتها لم تتوقف حتى انتخابات عام 2009 حيث فازت أربع عضوات.. وتعزز دورها السياسي بحقيبتين وزاريتين، وتم تعيين سيدتين عضوتين في المجلس البلدي، وأكثر من وكيلة وزارة ومنصب قيادي.

 

حصول المرأة الكويتية على حقها السياسي في 2005 استحقته بجدارة

 

أكدت المحامية كوثر الجوعان أن حصول المرأة الكويتية على حقها السياسي لم يأت من فراغ، بل استحقته بجدارة وساعدتها بذلك أجواء النهضة التي كانت تعيشها الكويت.. وساندها رجال عظماء من المفكرين والأدباء والفنانين والسياسيين والاقتصاديين وأعضاء في مجلس الأمة.

وكان أيضاً لجمعيات النفع العام الأخرى دور ريادي في دعمها. وكانت المرأة أيضاً مؤهلة للقيام بدورها السياسي.

وحينما تعرضت الكويت للغزو عام 1990، اندمجت المرأة مع أخيها الرجل في كافة أنواع المقاومة المدنية والعسكرية، واختلط دمها بدم أخيها الرجل الشهيد.

وبعد التحرير تضمن أول خطاب للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله دعوة مفادها أنه حان الوقت لأن تتمتع المرأة الكويتية بحقها السياسي.

وبذات التوجه جاءت كلمات الراحل الشيخ سعد العبد الله رحمه الله، مما أعطى حافزاُ وقناعة أكثر لدى كثير من المسؤولين الكويتيين بضرورة حصول المرأة على حقها السياسي.

وضمن تحركات المرأة للمطالبة بحقها السياسي، تحدثت المحامية كوثر الجوعان عن تشكيل وفد برئاسة الدكتورة سعاد الصباح، قابل الشيخ صباح الأحمد حينما كان وزيراً للخارجية، وعرضوا على سموه إصرار المرأة على الحصول على حقها السياسي.

الحكومة ومجلس الأمة والجمعيات النسائية تتحمل وزر ذلك التراجع

 

تراجع مؤسف وهذه أسبابه

رغم النجاح الذي أحرزته المرأة الكويتية بفوز أربع مرشحات لمجلس الأمة في انتخابات عام 2009، وتوزير عدة نساء، إلا أن الساحة السياسية في الوقت الحالي تخلو تماماً من عضوات في مجلس الأمة، ومن وزيرات باستثناء وزيرة واحدة هي وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل.

فما سبب هذا التراجع لدور المرأة السياسي.

– تقول المحامية الجوعان:

إن هناك أكثر من سبعة أسباب أدت لهذا التراجع:

الأول: لم يكن هناك تشجيع أو دعم من قبل الجمعيات النسائية التي كانت رائدة في المطالبة بحقوق المرأة السياسية، فهذه الجمعيات لم تقم مثلاً بتبني مرشحة أو مرشحتين للبرلمان ودعمهما، ولم تعقد ورشات عمل.. وباستثناء «معهد المرأة للتنمية والسلام» الذي نظم ورشة عمل لتطوير العملية الانتخابية.

الثاني:  لم تقم المرشحات الفائزات في مجلس 2009 بالرجوع إلى القطاع العام للمرأة لمعرفة المشاكل التي تواجهها، ومن ثم تبنيها.

الثالث:  حينما تعرضت وزيرة الصحة للاستجواب ثم قدمت استقالتها، لم تتحرك جمعية نسائية واحدة لمساندتها ودعمها في المجال السياسي.

الرابع:  في عام 2012 فازت سيدتان بعضوية مجلس الأمة. ولكن بحكم قضائي خرجت واحدة، وقدمت الثانية استقالتها، مما أعطى ضعفاً لدور المرأة السياسي أمام الرأي العام.

الخامس: حدث اختراق مضاد لدور المرأة السياسي من قبل بعض الجمعيات الفنية والمراكز البيئية المهنية التي شكلت لجانًا لهذا الشأن، مما أضعف أداء المرأة السياسي واهتزاز صورتها أمام الحكومة والمجلس والمجتمع.

السادس: تراجع الدور الحكومي في تعزيز أدوار المرأة السياسي

السابع: عدم اهتمام مجلس الأمة الحالي بالمرأة، فقد ألغى اللجنة البرلمانية المتخصصة بشؤون المرأة ودمج تلك اللجنة مع لجنة الشؤون الصحية، وقد أقر المجلس الشهر الماضي لجنة شؤون المرأة والأسرة.

 

مطلوب تلاقي الجمعيات النسائية مع بعضها مهما اختلفت توجهاتها

 

اقتراحات لعودة المرأة سياسيًّا

إذن.. ما العمل لمساعدة المرأة الكويتية للعودة إلى ممارسة دورها في الحقل السياسي بعد هذا التراجع الكبير؟

ترى المحامية كوثر الجوعان أن عودة المرأة لممارسة حقها ودورها في الحقل السياسي مرهون بمدى دعم ومساندة الجمعيات النسائية وجمعيات النفع العام التي قصرت في القيام بهذا الدور.. وركنت إلى جهودها السابقة التي ساهمت في حصول المرأة على حقها السياسي.

وقالت:

«المطلوب إعادة النظر في قانون العمل الأهلي الخاص بجمعيات النفع العام بحيث لا يسمح بتولي عضوية مجلس الإدارة لأكثر من دورتين فقط.. فالعضوية حالياً تمتد لعشرات السنين».

ودعت إلى تلاقي الجمعيات النسائية مع بعضها، مهما اختلفت توجهات كل جمعية، وذلك حتى ننهض بالمرأة والمجتمع.. قائلة: «إن النشاطات الفردية لا تكفي، المطلوب جهود جماعية».

كما حثت المحامية الجوعان الحكومة على تعزيز دور المرأة السياسي عبر توزير عدد منهن حتى لو لم يفزن في انتخابات مجلس الأمة، فالحكومة ملزمة وفقاً للدستور بتعزيز دور المرأة في المجال السياسي، وكذلك في كافة اللجان الحكومية والمناصب القيادية.

وقالت إن على مجلس الأمة الحالي أيضاً تعزيز دور المرأة السياسي ودعمها.. وحملت أيضاً لجنة شؤون المرأة التابعة لمجلس الوزراء، فقالت: «أين دور هذه اللجنة في تعزيز دور المرأة وخدمة المجتمع»؟

 

لم تفكر في الترشح رغم جهودها

مع هذا النشاط الاجتماعي اللافت والداعم للمرأة الذي تبذله المحامية كوثر الجوعان، يثور تساؤل: «لماذا لم تترشح لمجلس الأمة»؟

تقول رداً على هذا التساؤل:

إن جهودها انحصرت في الفترة السابقة في الوصول إلى إقرار الحق السياسي للمرأة الكويتية دون التفكير في موضوع آخر. ثم انتقلت بعد ذلك إلى نشر التوعية بين النساء بصفة خاصة والرجال بصفة عامة عن ماهية العملية السياسية، وتأهيل المرأة لدخول المعترك السياسي.. وكان الأحرى بمجلس الأمة والحكومة أن تكون هذه الآليات موجودة لديهما.

وأشارت إلى أن معهد المرأة للتنمية والسلام ركز جهوده على نشر التوعية والثقافة السياسية لدى المرأة والمجتمع بصفة عامة، «لذا كان هدفي خلق طبقة نسائية سياسية تؤهلها للعمل في مجالات السياسة المختلفة.

وقدمنا كمعهد مشروعا توعويا لتشجيع المرأة على الترشح ولكنه لم يخرج للنور، ثم قدمنا مشروعا تلفزيونيا لوزارة الإعلام في انتخابات 2012، وتم الأخذ به في برنامج ناجح.

وهكذا بذلت ومن معي جهوداً في التوعية والمطالبة، ونجحنا والحمد لله. ولم أفكر في الترشح لمجلس الأمة».

 

2015 خلا من عضوية المرأة

وحول رؤيتها لما تحقق للمرأة الكويتية خلال عام 2015 قالت:

رغم تقلد الكويتية مناصب قيادية في القطاع الخاص، إلا أن التعينيات الحكومية في المجلس البلدي في هذا العام خلت من عضوية أية امرأة.

وأضافت:

«نتمنى ونحن على أبواب عام 2016 أن تحظى المرأة الكويتية بالزخم الأدبي والمعنوي من قبل الجهات المسؤولة، وأن تأخذ مكانها الصحيح والمناسب إلى جانب الرجل، فالتنمية تتحقق بجهود المرأة والرجل معاً، وبوجود تكافؤ الفرص والعدالة وهما ضمن قواعد دستورية على الجهات المسؤولة تطبيقها فعلاً لا قولاً».

 

كنَّ 6 وزيرات.. وصرن واحدة

بعد أن كان مجلس الوزراء يضم 6 وزيرات، أصبح المجلس الحالي يضم وزيرة واحدة هي هند الصبيح وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل.

أما الوزيرات السابقات فهن: د. معصومة المبارك، د. موضى الحمود، د.نورية الصبيح، د. أماني بورسلي، د. رولا دشتي، وذكرى الرشيدي.

كما خلا مجلس الأمة من أي عضو نسائي بعد أن كان عددهن أربع عضوات في مجلس 2009، وهن: الدكتورة معصومة المبارك، الدكتورة رولا دشتي، الدكتورة أسيل العوضي، والدكتورة سلوى الجسار.

 

فادية الزعبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق