تحقيقات

فارسات في كرة السلة لاعبات قهرن الإعاقة بالرياضة

لا تمنعنهن الإعاقة من ممارسة حياة طبيعية، لدرجة أنهن يمارسن الرياضة التي اخترنها عن قناعة وحب، تلقاهن يتدربن بجد، وساحة الملعب تضج بحيوية تنسيك أن المتدربات أمامك هن متحديات حقيقيات لما يسمى بالإعاقة الحركية.

 

 

داخل نادي فارسات فلسطين بمدينة غزة، تنهي المدربة هناء أبو معيلق الحصة التدريبية الدائمة، لتنتقل اللاعبات على كراسيهن المتحركة الى استراحة النادي لأخذ قسط من الراحة قبل الاتفاق على موعد التدريب المقبل، الذي تحرص كل واحده منهن على عدم الغياب عنه.

منى خطاب كابتن الفريق واللاعبة الأساسية في الفريق تعبر بسعادة بالغة عن حبها لممارسة رياضة كرة السلة جلوس التي تسمح لها بالانطلاق والتميز، وتشعرها بأنها إنسانة طبيعية لا تعاني أي مشاكل في الحركة.

وتمضي خطاب أروع أوقاتها في الحصص التدريبية التي تعلوها الضحكات بين الزميلات، والمنافسة الشديدة بالظهور بشكل أفضل أمام مدربة الفريق لتضمن كل واحدة منهن مكانا أساسيا داخل تشكيلة الفريق، وفقا لها.

كرة السلة حسب خطاب التي تعاني شللا نصفيا يجعل تحرّكها صعبا جدًا، ليست مجرد رياضة تمارس فيها اللاعبات الحركة التي يفتقدنها، إنما هي روح تعلمهن كيفية التعامل كفريق متكامل ومتعاون، وتعلم المثابرة في الرياضة التي تمارسها منذ ما يزيد على  عام، حتى باتت أمرا أساسيا في حياتها، وفق وصفها.

خطاب التي مارست أنواعا متعددة من الرياضيات، وجدت ضالتها في كرة السلة ضمن مشروع تدريب الفتيات بنادي الفارسات، واضعة لنفسها هدفا بالتميز في هذه اللعبة، وهو ما تسعى حاليا الى تحقيقه.

 

عزيمة قوية

أما المدربة هناء أبو معيلق فترى أن مشهد متابعة فتيات معاقات يمارسن الرياضة بات أمرا أكثر ألفة مما مضى، وأصبح هناك استيعاب مجتمعي بأحقية ممارسة ذوات الاحتياجات الخاصة لرياضات يستطعن من خلالها التعبير عن أنفسهن.

أبو معيلق التي تعمل مدربة لفريق كرة السلة جلوس، تؤكد على وجود طاقات كبيرة لدى اللاعبات، وان الجدية بادية كثيرا في التزامهن بالتدريبات، ومحاولة كل منهن تطوير قدراتها بشكل منفصل وصولا الى المستوى المطلوب، وما يتمتعن به من عزيمة وإصرار يفوق ما يتمتع به الأصحاء بمراحل عديدة.

لكنها تستدرك مشيرة الى ان نقص الإمكانيات يقف عقبة حقيقية للوصول الى مرحلة المنافسة الخارجية، باعتبار أن رياضة المعاقين تحتاج الى تجهيزات، تحرص على سلامة اللاعبين، من خلال توفير أرضية مطاطية تحميهن من الإصابة، بالإضافة الى كراسي متحركة غير تلك التي يستخدمنها في الحركة الاعتيادية والتنقل.

إيمان بكرون: أرى نفسي وأشعر بقوتي الداخلية الحقيقية

 

بلا حواجز

في مكان آخر من ذات النادي الرياضي تفتح مساحة أخرى، لإيمان بكرون التي تعاني ضعفا شديدا في النظر، لكن هذا هو الآخر لم يمنعها من ممارسة رياضة العاب القوى، التي ترى فيها بكرون نفسها وتشعر بقوتها الداخلية الحقيقية وهي داخل المضمار حسب وصفها.

وحول اختيارها لهذه الرياضة تقول بكرون: الرياضة روح الحياة، هي الحركة والقدرة على توظيفها بشكل يخدم صحة الجسم، وتغذية العقل والروح أيضا، كما أنها تسهل علينا الاندماج في الحياة كبقية الناس الآخرين، دون معوقات.

الثقة بالنفس أهم ما تعلمته بكرون من ممارسة الرياضة، وهدفها الأساسي أن تصبح بطلة بارالمبية تشارك في البطولات المختلفة، لتثبت انه لا فرق بين كفيف ومبصر، وان الإرادة القوية كفيلة بان تخلق المعجزات، وحول هذا تقول: «نحن كالأسوياء نمارس هوايتنا الرياضية، ومن حقنا أن يكون لنا وجود في الحقل الرياضي، حتماً سنحقق انجازات».

وكزميلتها تتحدث اللاعبة تغريد أبو حطب صاحبة المراكز الأولى في مسابقات ألعاب القوى لمعاقين بعزيمة وإصرار فتقول: لدينا طموح كبير لأن نصبح لاعبات نمارس هذه اللعبة، ونتنافس مع فرق محلية، إلى أن نستطيع أن نمثل فلسطين خارجيا.

واشارت الى أن نادي الفارسات، شكل لهن نقطة تحولا بعد إن كن يمارسن الرياضة بشكل فردي في أندية متنوعة، جاء لينظم جهودهن، ويصقل موهبتهن ويهتم بها، ويقدمها بشكلها الأمثل للمجتمع المحلي، الذي بات يرى ضرورة دمجنا كالأصحاء فيه.

 

فداء عكاشة: من خلال الرياضة يثبت الإنسان ذاته ووجوده كأي إنسان سوي

 

تأسيس جديد

«فارسات فلسطين» كن لهن السبق أيضا في تأسيس أول فريق نسوي لممارسة لعبة الطائرة جلوس، حيث يعتبر الأول في الأراضي الفلسطينية، الفريق المكون من خمس عشرة لاعبة، أصبحن يمارسن داخل النادي رياضتهن المفضلة في جو كبير من الحب ويظهر ذلك جليا من خلال الروح العالية التي تميز تدريباتهن، وفقا للمدربة فداء عكاشة.

«ممارسة الرياضة والنشاط الرياضي للمعاق هو بمثابة حياة جديدة»،  هكذا تعبر عكاشة عن لاعباتها، وتضيف قائلة: من خلالها يثبت ذاته ووجوده كأي إنسان سوي، للخروج من التفكير النمطي عن المعاق الذي لا يستطيع الحركة بات أمرا من الماضي، وتبدلت الصورة الآن لتحل مكانها صورة أكثر إشراقا، تعبر عن الروح الحقيقية التي تتمتع بها كل لاعبة في الفريق، واللواتي يجب ايلاؤهن اهتماما اكبر من قبل الجميع.

وعن فريقها تقول عكاشة: هناك عدد كبير من الفتيات الراغبات في الانضمام للفريق لكننا نختار افضلهن بعد الاختبارات الأولية، وان الأعمار تتراوح بين 18 و30 عاما، مؤكدة أن هناك بارقة أمل وانطلاقة حقيقية نحو تعزيز وجود ذوي الإعاقة على الواقع خاصة الفتيات، حيث بدأنا العمل من أشهر قليلة ولكن النتائج التي وصلنا إليها كبيرة جدا قياسا بالفترة الزمنية، وان الطموح يزيد يوما بعد الآخر كلما وجدنا مثابرة واجتهادا اكبر من قبل اللاعبات.

 

سوسن الخليلي: النجاح الكبير أحدث طفرة في حياة اللاعبات المعاقات بعد تشكيل فريق يضم كافة الرياضات التي يمارسنها

 

طفرة في عالم الإعاقة

أمين سر الاتحاد العام للمعاقين في قطاع غزة ورئيسة نادي فارسات فلسطين سوسن الخليلي، ترى أن مشاركة الفتيات المعاقات في الرياضات المختلفة كانت لها بالغ الأثر الايجابي على حياتهن، وساعدتهن في الخروج بنفسية أكثر إقبالا على الحياة، وقدرة على الاندماج في المجتمع، فالرياضة بجانب العمل أمران مهمان للغاية لأي إنسان طبيعي فما بالنا لو كان من ذوي الاحتياجات الخاصة؟

وترى الخليلي أن النجاح الكبير احدث طفرة في حياة اللاعبات المعاقات بعد تشكيل فريق يضم كافة الرياضات التي يمارسنها، تحت اسم « نادي فارسات فلسطين»، وهو ناد مرخص من قبل وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية، وهو ناد رياضي بالدرجة الأولى، واجتماعي وفني وثقافي أيضاً للمرأة والاهتمام بها.

واشارت  الى أن النادي حول حياة كثير من الفتيات ذوات الإعاقة الحركية من مجرد الحياة على هامش المجتمع الى التعلق بممارسة الرياضة التي لم تكن أبدا ضمن اهتماماتهن، ساعد في خلق قيمة إضافية لجهد اللاعبات المضاعف، واشعر كل واحدة منهن أن تعبها لن يذهب هباء وان هناك استثمارا حقيقيا للطاقات التي تستطيع المنافسة الحقيقة.

وتوضح الخليلي أن النادي يضم عدة فرق نسوية في كرة السلة، وكرة الطائرة جلوس، والعاب القوى. ولفتت الخليلي إلى أن فكرة النادي لاقت رواجا كبيرا بين الأندية التي تهتم بالمعاقين والتي وعدت بالتعاون معه في تطوير رياضة الفتيات.

وتطالب الخليل كافة المؤسسات الرسمية وغير الحكومية بتبني هذا النادي بشكل اكبر، وتوفير كل ما يلزم لهن، مؤكدة في الوقت ذاته أن النادي يضم مجموعة متنوعة من اللاعبات المتميزات، اللواتي لو تيحت لهن الفرصة سنسمع عنهن في المحافل العربية والدولية.

الأحلام لا حدود لها والطموح لا تحده الإعاقة، والإرادة هي جسر النجاح والتميز, هذه هي رسالة فارسات فلسطين اللواتي هزمن الإعاقة.

 

فلسطين – عبدالله عمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق