فنمقابلات

نوّارة للمخرجة هالة خليل: فيلمي يحكي عن الثورة المصرية من وجهة نظر الفقراء

المخرجة هالة خليل التي كانت تقول باستمرار ضمن القائلين إنه من المبكر جداً صناعة فيلم عن الثورة المصرية، لم تستطع عندما أقدمت على كتابة فيلمها الروائي الثالث «نوارة» إلا أن يكون عن الثورة لأنها ارتأت أنها أضحت هما كبيرا في حياة المواطن المصري، وشاغلا في حواراته اليومية.

وتؤكد خليل أن ذلك لم يحدث في مصر فقط، بل في كل المجتمعات العربية التي اندلعت فيها ثورات ما يعرف بالربيع العربي، والتي باتت فيها السياسة جزءا من الواقع اليومي لشعوب تلك البلدان.

 

«نوارة» الذي عرض مؤخرًا ضمن الدورة الثانية عشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، يطرح قضية ثورة الخامس والعشرين من يناير التي قامت في مصر منذ خمس سنوات، وتأثيرها على واقع شريحة كبيرة من المجتمع المصري تعيش تحت خط الفقر.. لم ينشغل كثيرًا أفرادها بالثورة إلا بقدر تأثيرها على حياتهم اليومية.

من خلال شخصية نوارة الخادمة (منة شلبي) وتنقلها اليومي بين عالمين متناقضين، بين حياتها في الحارة الفقيرة التي تفتقر لأبسط المقومات الآدمية، وبين القصر الفاره الذي تعمل فيه.. تتعرض المخرجة لما يعانيه فقراء مصر عبر عصور الفساد وحتى يومنا هذا من قهر اجتماعي وواقع مأساوي.

 

ماذا فعلت الثورة بأحلامهم؟! هل صنعت الثورة حلمًا أم ضيَّعت حلمًا؟!

 

وعبرت المخرجة أيضًا بصدق من خلال شخصية الخادمة نوارة عن المرأة المصرية والطريقة التي تتعامل فيها مع الواقع والحياة، فهي رغم حياتها المليئة بالكد تتعاطى مع الحياة بكثير من الجلَد والمثابرة. كما طرحت خليل بشجاعة مأساة اتساع الفجوة بين طبقتي الأغنياء والفقراء بشكل متسارع في المجتمع المصري، مشيرة إلى دور الإعلام المصري في المتاجرة بأحلام الفقراء من خلال تصريحات وهمية حول استعادة الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج، وإعادة توزيعها على الشعب.

عن ذلك تقول:

«الثورة لم تضيع فقط أحلام الفقراء ولكنها أيضًا تلاعبت بها. والإعلام لم يكن أمينًا في أغلب المراحل، وكان له دور مواز مع الثورة في التلاعب بأحلام الفقراء، فقد كان طوال الوقت يخدم سياسة مرحلة ما في الثورة. كما كان دوره متغيرًا بتغير المراحل، وأرى اليوم أن لغته أيضًا تغيرت لأنه يخدم توجها سياسيا آخر».

 

واجه الفيلم مشكلة البحث عن منتج حتى خرج للنور.. تقول خليل:

«عرضت سيناريو الفيلم على أكثر من منتج، ولكن لم تكن لدى أي منهم الجرأة على التصدي لموضوع الثورة، فقررنا كفريق عمل أن ننتج نحن الفيلم. واشترك الجميع في الإنتاج لمدة عام ونصف العام، وذلك بدءًا من العاملين من وراء الكاميرا ( كمدير التصوير، والمونتير، ومهندس الديكور وغيرهم)، وانتهاءً بالممثلين الذين قبلوا بأن يشتركوا في الإنتاج، أو في العمل بأجور مؤجلة، إلى أن ظهرت بالمصادفة البحتة شركة Red Starالتي تحمست للعمل وأخذت على عاتقها إنتاج الفيلم».

 

عن تجسيده لشخصية «أسامة»  الوزير الفاسد الذي تعمل نوارة خادمة في قصره يحدثنا الفنان الكبير محمود حميدة قائلًا:

«هو واحد من الذين صعدوا في عصور الفساد المتلاحقة ليصبح وزيرًا وعضوًا في مجلس الشعب، وبذلك فهو ينتمي إلى سلطتين، التشريعية والتنفيذية في نفس الوقت. وهذا لا يحدث في المجتمعات الديموقراطية لأن نواب الشعب هم مشرعو القوانين، والسلطة التنفيذية عليها تنفيذ القوانين. فإذا كان هناك خلط بين السلطتين ممثلا في شخص «أسامة»  فكيف يمكن له أن يحاكم نفسه إذا أخطأ!».

ويضيف: «عندما أرسلت لي المخرجة هالة خليل السيناريو، لم أتردد مطلقًا في المشاركة في العمل لأن روح السيناريو أعجبتني، وكذلك طريقة طرحها الهادئة، وموقف الفيلم المحايد من الأحداث التي عاشتها مصر مؤخرًا، وهذا كله يمكن المشاهد من أن يحلل الواقع ويستقرئ المستقبل».

 

أما الرائعة «منة شلبي» نوارة الفيلم فظهرت طيلة مشاهده بدون أي زينة وجه، وتقمصت شخصية الفتاة الشعبية الكادحة معبرة عن انفعالاتها من خلال لغة جسدها وقسمات وجهها، لتنال بأدائها الراقي إعجاب الجمهور، وإشادة النقاد، وتحصد جائزة أفضل ممثلة في المهرجان.

وعن دورها تقول:

«عبرت من خلال شخصية نوارة عن قطاع مهم من المرأة المصرية، وأنا أرى أنه من الأمانة أن أعبر عن جميع النساء، وهذا يعطيني مساحة فنية واسعة أتحرك بداخلها».

وأضافت: «عملت تدريبات على السيناريو مع المخرجة استغرقت حوالي أربعة أشهر إلى أن بدأنا مرحلة التصوير. خلال تلك التدريبات كانت تطرح لي هالة رؤيتها لكل مشهد، كيف ترى الشخصية والانفعالات التي تتوقعها مني، وأنا بدوري كنت أفكر في كيفية تجسيد الشخصية ونقل أحاسيسها بصدق للمشاهد».

 

«أسرتي» في كل مكان

دبي – غادة الصاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق