وسائل التواصل بين تخريب الشباب
هل هناك تراخٍ من المجتمع؟
وسائل التواصل بين تخريب الشباب
وصمت العائلات
صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تجاوز عدد مرتاديها الآلاف، رأى فيها الكثيرون بيئة خصبة لعرض صورهم الشخصية… يصف الكثيرون تلك الصفحات
بــ «الاجتمـاعية»، فالبعض يعرض مشكلاته، صور أسرته ويبوح بأسرار بيته وعلاقاته، والبعض الآخر يدلو بدلوه فيها، إذ تنوعت المشكلات بين اجتماعية عامة، وأخرى شخصية وعاطفية، وتطرق عدد منها للعلاقات الزوجية والمشكلات التي تعاني منها بعض البيوت.
«أسرتي» التقت الخبراء الذين طالبوا بتكوين رؤية مختلفة في التعامل مع شبكات التواصل غير الإغلاق والرقابة وآراء كثيرة، وللتعرف على تأثير هذه المواقع على حياتنا الأسرية.. إليكم التفاصيل:
اليوحة:
علينا الانتباه لما تثيره هذه الشبكة من خطر رغم مميزاتها
ثمَّن الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة منافع الشبكة العالمية للمعلوماتية ودورها في اختصار الجغرافيا وحدودها واستحضار التاريخ ومساراته، واحتضان العلم والأدب والفن، مؤكدا أنها فتحت لنا العالم علي مصراعيه، إلا أنه على الرغم من كل هذه المزايا المتعددة، فإنها ينبغي ألا تشغلنا عما يمكن أن تثيره هذه الشبكة من خطر وما تشعله من حرائق.
وشدد على أن أهمية هذه الندوة تتضاعف مع بدء احتفال دولة الكويت باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2016م، مشيرا إلى أن هذا يستدعي النظر إلى الشبكة العالمية للمعلوماتية بوصفها تحديا حضاريا وثقافيا وأخلاقيا، واكتشاف التأثيرات السلبية والإيجابية الواقعة على ثقافتنا العربية والإسلامية وهويتنا للوصول إلى صيغة موائمة للتفاعل مع ثقافات أخرى بشكل يؤدي إلى الاستفادة من الإرث الإنساني المتراكم.
وأضاف:
ولعلي لا أسوق جديدا حين أقول إن شبكة الإنترنت الرقمية، وما صارت تحتضنه من مواقع التواصل الاجتماعي، غدت محيطة بأدق تفاصيل حياتنا اليومية لأنها تحيط بنسيجها المتشابك أرجاء العالم، وتتداخل مع تفاصيل مهننا وأعمالنا، وتقتحم علينا أعماق بيوتنا وتؤثر في أسرنا وأولادنا حتى أصبحت ومن دون مبالغة محور حياتنا وتشير تقديرات الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن هناك 3 مليارات مستخدم للإنترنت، ويحتل الفيس بوك أشهر المنصات الاجتماعية وأكثرها شعبية المركز الأول بأكثر من مليار مستخدم، والواتس آب في المركز الرابع بـ 400 مليون، وتويتر بـ 272 مليون مستخدم، وهذا يدل على أنها باتت مصدرا للمخاوف والأضرار والتداعيات المناوئة للسلام بما تثيره هذه الشبكة من خطر وما تشعله من حرائق بنشرها معلومات خاطئة وصنعها رأيا عاما غير مستنير، خاصة أن أغلب مستخدميها من الشباب والناشئة الذين يعول عليهم وطننا العربي الكبير للإسهام بدور أكبر في حضارة العالم، والمشاركة في صنع قراراته المصيرية.
الرميحي:
العصر الرقمي جعل بيوتنا من زجاج مكشوفة وشبابنا معرضون كل ساعة إما إلى غواية وإما إلى هداية
بيوت من زجاج
من جانبه، قال د. محمد الرميحي:
نحن نعيش في هذا العصر الرقمي في بيوت من زجاج، بسبب الثورة غير المسبوقة في وسائط التواصل التقني التي أحدثت تغيرا جذريا للاقتصاد والعلاقات الاجتماعية والعلاقات السياسية والدولية واللغة، وحتى حياتنا الأسرية في البيت، فبيوت الزجاج هذه لها من جانب غواية ومن جانب آخر هداية، هذه المعادلة الصعبة هي التي تواجه شبابنا وأولادنا اليوم وهم ملتصقون بأجهزتهم الرقمية في عصر انفجار الهويات الفرعية وتصادمها، وذكر أن نسبة الشباب في عالمنا العربي تقارب 70% من السكان، وهم اليوم معرضون كل ساعة إما إلى غواية وإما إلى هداية، والغواية هي الأكثر ضررا، فنتاجها استقطاب حاد وغير مسبوق في صراع الهويات وانبثاق المصادمات.
وقال الرميحي:
العنف والجريمة والانحراف وشن حملات لقتل الشخصية والتربح السياسي أو التجاري والتجنيد، أصبحت جميعها تستخدم هذه الوسائل من أجل خلق وعي مضاد، ويقابل ذلك نقص شديد في المناعة المنهجية لدى شبابنا وأسرنا نواجهها برب عائلة صامت بينما أولاده أمام الأجهزة المتصلة بالانترنت وربما لا يدري عنهم شيئا، ومدرسة منكفئة، وسياسة عامة تتوخى الحذر لا المواجهة، تعالج الفروع لا الجذور، وتراخ مجتمعي في خدر لذيذ.
اللغة الهجينة
أكدت فاطمة السالم أن الكويت في المركز الأول عالميا في انتشار موقع (تويتر)، محذرة من أضرار وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تهديد الهوية العربية من خلال استخدام اللهجة العامية أو اللغة المهجنة بالإنجليزية.
وأكد صلاح الناجم أن هناك أهمية كبرى لتحليل لغة الحوار على الشبكات الاجتماعية، للتأكد من اتجاه الرأي العام، مبينا أن وكالة الأمن الوطني الأميركي حصلت على تحذيرات بشأن هجوم إرهابي كيميائي بتحليل ما يقال على وسائل التواصل الاجتماعي.
بسام الشمري:
علينا مواجهة استغلال الأطفال والفتن والطائفية
وأوضح بسام الشمري أنه يوجد مليارا مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في العالم منهم 250 مليون مستخدم من الدول العربية، وطالب بمواجهة مخاطر الإرهاب واستغلال الأطفال وبث الإشاعات والأخبار الكاذبة والفتن والطائفية والفئوية.
فايز الشهري:
الجماعات المتطرفة تبث أفكارها لتضلل ملايين الأسر العربية
وعن توظيف الجماعات المتطرفة لوسائل الاتصال الالكتروني لتجنيد الشباب، أكد فايز الشهري أن الخدمات الاتصالية تشكِّل حلقة الوصل بين معتنقي الأفكار المضللة والأتباع الذين بدورهم يعيدون نشر هذه الأفكار.
وقال: لم يلتفت المخططون في المجتمع العربي إلى خطورة تجذّر الثقافة المشوشة القادمة عبر الشاشات والتي يستهلكها ملايين الشباب ومخاطرها على الأسرة العربية.
وبين سميح المعايطة أن التطور التكنولوجي يتم استغلاله من قبل التنظيمات المتطرفة بشكل واسع وباتجاهات مختلفة، وطالب بالتواجد الكثيف الإيجابي على الفضاء الإلكتروني لتحقيق التوازن ومنع التضليل للأجيال الناشئة مما ينعكس سلبا على تربيتنا لأولادنا ويهدد الكيانات الأسرية في العالم العربي.
وأكد د.شريف اللبان ضرورة حوكمة مبادئ ومحتوى شبكات التواصل الاجتماعي، وأوضحت آمال قرامي أن مستوى الدراسات الميدانية في مجال التقنية في العالم العربي مازال محدودا.
شهادات وتجارب
وأوضح داهم القحطاني أن الاستثمار في التقنية أصبح ضرورة ولدينا الخبراء، ورأت هند الناهض أن إنتاجية الفرد تتأثر بعدد التطبيقات الموجودة على هاتفه، فمعظم الشباب الآن يكاد لا يرفع عينه عن تلفونه حتى وهو مع أسرته في منزله.
واختتم القحطاني بتأكيده أن مواقع التواصل أصبحت اللاعب الرئيسي في متغيرات حياة الشباب اليومية ويجب علينا الانتباه حتى لا يضيع أولادنا وسط أفكار هدامة.
وقال د.أنور الرواس:
عندما قررت الدول الدخول في المنظومة العالمية، وتحديدا تحت مظلة الأمم المتحدة، ومن خلال الهيئات الدولية، كانت تدرك التغييرات القادمة وما يمكن أن يحدث من تطورات مذهلة قد تصل إلى زعزعة النظام العام في حدود تصورها وإدراكها لمفهوم التطور. فالعالم الذي كنا نسمع عنه أو عشنا بعض من مراحله السابقة قد أفل، واستوسدت الأفكار الجديدة التي تحمل التقارب بين الشعوب، واختزلت المسافات بفضل الأقمار الاصطناعية. فلم تعد هناك كلمة سري، وسري للغاية، لم يعد لهما وجود في عالم السماوات المفتوحة، فالتقنية تطورت وفرضت معطيات جديدة على الساحة بفضل الاتصالات الحديثة من خلال المعلومات التي تتدفق بكل سهولة ويسر.
وأضاف:
المعلومات المتدفقة من كل حدب وصوب باتت تعيد تشكيل الأنماط السائدة التقليدية وتُقولبها في إطار من فهم المجتمعات للمحتوى المعلوماتي الذي يأخذ أشكالا متعددة مثل الأخبار التي تحدث، وكذلك الاتجاهات الفكرية التي تعتمد على أيديولوجيات متعددة في السياسة والدين والفكر الاقتصادي المدعوم من ثقافة العولمة.
الإعلام البديل
وتابع الرواس: لم تعد الدول أو الحكومات تخشى على نفسها من أطراف أخرى، بقدر خشيتها من نشوء واقع منظم للجماعات أو الأفراد في عصر أضحت فيه التقنية العالية الجودة تمثل تحديا كبيرا لها. فقد ظهرت شبكات التواصل الاجتماعي أو الإعلام البديل الذي حرك الساكن وأزاح حاجز الخوف، وغير أنظمة للحكم في بعض الدول العربية كما أن الإعلام البديل أطاح بهيمنة الإعلام التقليدي وغير من مساراته في مواقف كثيرة من خلال تبني لغة الحوار – إلى حد ما – ضمن أجندته الإعلامية. وينظر لمستخدم الإعلام البديل أو شبكات التواصل الاجتماعي على أنه «الجمهور الفاعل أو النشيط».
وخلص الدكتور الرواس إلى القول:
إن العصر الذي نعيشه هو عصر الإعلام وتدفق المعلومات، لكونه يمتلك خصائص فريدة تكمن في تشكيل الاتجاهات والتأثير المباشر وغير المباشر، وكذلك قدرته على الإقناع، إضافة إلى أن إعلام العصر يملك القوة الضاربة في صناعة الرأي العام وتنظيم هيكلها تجاه كثير من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية.
د.بشاير الصانع:
هذه الوسائل تسبب الكثير من الأمراض النفسية ومنها الاكتئاب والنرجسية والعزلة
وتحدثت د.بشاير الصانع عن تكنولوجيا الاتصال بين الواقع والوهم حيث قالت:
تكنولوجيا الاتصال ليست منتجا محليا أو حكرا على أي مجتمع يستطيع أن يدعي أنه هو الذي طوره، لافتة إلى أن وسائل الاتصال هي منتج عالمي، مؤكدة أن تطور واستخدام هذه التكنولوجيا هى عملية تراكمية وتشاركية من قبل الجميع وعلى مر الفترات الزمنية التي تم فيها تطوير هذه التقنية.
وأوضحت أن من أهم خصائص التكنولوجيا أنها غيرت الحياة البشرية سلبا وإيجابا، لكن يجب أن نميز ما يمكن أن نستفيد منه من هذه التكنولوجيا عن طريق تفعيل مبادئ الوعي في الاستخدام للكبار والصغار معتبرة أن الوعي في الاستخدام أصبح أكثر ضرورة من ذي قبل، خصوصا بعد تفشي التكنولوجيا بين الأطفال والمراهقين في البيوت العربية.. لافتة إلى أن الإفراط في استخدام التكنولوجيا يؤدي إلى العمى غير المتعمد، حيث يمكن أن تحدث الكثير من الأشياء من حولنا ولا ننتبه لها، وفقدان الانتباه والتركيز، وصولا إلى الموت نتيجة حوادث السيارات بسبب انشغالنا بوسائل الاتصال.
وقالت:
إن تلك الوسائل تسبب الكثير من الأمراض النفسية والتي منها الاكتئاب والنرجسية والعزلة.
أما عبدالرحمن العلي فقال:
إن مواقع التواصل الاجتماعي أذهبت خصوصيات البيوت والأسر، فأصبح كل شيء داخل البيت مكشوفا ومعروفا لدى الناس، وأصبح حتى أثاث المنزل معروفا لدى جيراننا وأصدقائنا، أصبحت جميع تفاصيل حياتنا معروفة لدى الأصدقاء وغيرهم حتى الأواني المنزلية، فما ان تشتري المرأة أغراضا خاصة بالبيت حتى تقوم بتصويرها وتنزيلها في هذه البرامج، وهذا ما سبب أزمة كبيرة في البيوت من حسد وغيره، تجد الأسرة المتواضعة ترى في بيت جيرانها ما ليس عندهم هنا تنشأ قضية الحسد والضغط على الأب من أجل مساواتهم بالجيران.
أم عبدالله قالت:
من أسوأ الأمور التي ظهرت في عصرنا هذا هو مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت المشاكل بين الأسر وأفراد العائلة الواحدة، وأذكر أن إحدى الفتيات في محيطنا تزوجت وذهبت مع زوجها الى إحدى الدول الأجنبية، حيث المناظر الخلابة والجمال في الطبيعة وأخذت تصور كل ما تراه في تلك الرحلة، تقول: ما هي إلا أيام حتى كرهت الرحلة وكرهت زوجي وكرهت الزواج مما اضطرهم لقطع رحلتهم والعودة وهي الآن تراجع عند الرقاة من أسباب ما أصابها.
وأضافت:
كادت صديقتي تتعرض للطلاق من زوجها، بعد أن كان في ديوانية أصدقائه ورأى صورتها وهي في عرس صديقة لها على السناب شات، وقد سبق ان تحدثت معه انها تريد أن تحضر هذا العرس وقد رفض، وكل ذلك بسبب إحدى المعازيم التي استخدمت هذه المواقع استخداماً سيئاً.
قالت هيفاء «أم عبدالله»:
تعرضت لمشاكل كثيرة بسبب حسابي على الانستغرام، لن أنشر أي شيء عن حياتي بعد الآن، فقد قررت ذلك بعد أن أصاب ابني مرض لم أجد له تشخيصا عند الأطباء ألا أدس الآخرين في لحظات حياتي الرائعة وإنما سأستمتع بتلك اللحظات ليس إلا شأني.. هو شأني فقط، وليس للجميع.
كما أكدت موزة الجناع الموجهة الاجتماعية والنفسية أن الغزو الاعلامي وسوء استخدام هذه المواقع من البعض كشف عن عقليات مريضة خاوية الفكر والوفاض، وأصبح تقييم الناس يتم عن طريق هذه المواقع وليس عن طريق الدين والأدب والعلم، وأصبحنا نفتقد الحس الإيماني والروحي والانساني وهذه فتنة ستجرنا (إن لم نلجمها أو نحذر منها) الي ما لا تحمد عقباه، وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا ومن تتبع عورات الناس لما لها من مخاطر.
ويقول الداعية الشيخ عبدالله النعمة:
من خلال عملي أرى الكثير من حالات الأطفال والكبار والنساء، الذين تصيبهم العين وتؤثر عليهم، الكثير من الناس يعتقدون أن العين التي تصيب المريض، يجب أن تكون من شخص أمام المريض مباشرة، ولكنها قد تكون عن بعد، حيث تصيب المريض من خلال صورته، أو ذكر الأهل لمحاسن ومزايا الطفل، وهنا تقع العين، ولا يشترط أن تكون في حضور الشخص المحسود بل تكون في غيبته.. موضحا أن الأطفال فيهم من الوسامة والبراءة، ما يجعلهم عرضة للحسد، كما أن الحسد قد يقع من عين محب كالأم أو الأب أو معجب بالطفل، ولا يشترط أن يكون الحسد من عين تكره أو تحقد.
وأكد النعمة:
ضرورة تحصين الأطفال بالرقية الشرعية، بأذكار الصباح والمساء والمعوذتين، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله وعليه وسلم كان يتعوذ من أعين الجان وأعين الإنسان، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما، ولابد من التوكل على الله سبحانه وتعالى فالشافي هو الله، والتوجه إلى الله بالدعاء دائما بحفظ الأبناء.
واختتم:
يجب على الأبوين ألا يفرطا في حقوق أبنائهما الشخصية، من خلال وضع صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فمثل هذه الأشياء الشخصية لا ينبغي للعامة الاطلاع عليها، حتى لا نعطي فرصة لضعاف النفوس في استغلالها بعمل أشياء تضر صاحب الصورة، هذا بالإضافة إلى ما يصيبه من الحسد والعين، فإن الإصابة بالعين، تكون ناتجة عن حسد، أو بتمني زوال نعمة الشخص الذي ينظر إليه، ومن المستحب انه حين ينظر الإنسان إلى شخص أو طفل أن يقول ما شاء الله أو تبارك الله أحسن الخالقين، وان يدعو بالبركة للمنظور إليه.