ثقافةعصير الكتب

أهم كتب 2020 مازالت تنشر البهجة.. وتطرح الأسئلة.. وتنتصر للمرأة

 

جاءت كتب 2020 عربيا لتؤكد حقائق مهمة، وهي أن الحياة مازالت مفتوحة أمامنا بالبهجة والسعادة، وأن هناك أسئلة مهمة مازالت مطروحة علينا في كل جوانب حياتنا ونفوسنا، وأن المرأة كائن منتصر مهما كانت الظروف الاجتماعية أو الاقتصادية حتى ظروف الهجرة أو الحروب.. ولذلك اخترنا قلة قليلة من هذه الكتب التي تمثل صنع البهجة في حياتنا والتفكير في أسئلة الحياة والوجود وانتصار المرأة.

كتاب «البهجة».. الدلاي لاما – ديزموند توتو
دوجلاس أبرامز: أكثر شخصين مبتهجين على الكوكب

من أجمل ما تمت قراءته عام 2020 من كتب.. فهو كتاب من نوع خاص.. في خمسة أيام.
تمت مناقشة سؤال أزلي واحد: ما السعادة؟ أو بمعنى أشمل وأجمل: ما البهجة؟
والإجابة كانت حوارا طويلا بين الحائزين على جائزة نوبل للسلام، الدالاي لاما ورئيس الأساقفة الجنوب افريقي ديزموند توتو.. كلاهما نجا مما يزيد على خمسين عاما من سنوات النفي واضطهاد العنف المحطم للروح على الرغم من الصعوبات التي مروا بها أو كما قد يقولان بسببها هما أكثر شخصين مبتهجين على الكوكب.
سافر رئيس الأساقفة توتو في شهر نيسان من عام 2015 إلى منزل الدالاي لاما في (دارامسال) في الهند من أجل الاحتفال بعيد ميلاده الثمانين وخلق ما كانا يأملان في أن يكون هبة إلى الآخرين.. لقد نظرا إلى الخلف إلى حياتهما الطويلة من أجل الإجابة على سؤال واحد ملح: كيف نستطيع إيجاد البهجة في وجه معاناة الحياة المحتومة؟
قاما بتداول القصص الحميمية وأغاظا بعضهما على نحو متواصل وشاركا تمارينهما الروحية.. ومع حلول نهاية أسبوع مليء بالضحك وقد تخللته الدموع حدق هذان البطلان العالميان في هاوية ويأس زماننا وأظهرا كيفية عيش حياة مفعمة بالبهجة..
يقدم لنا هذا الكتاب فرصة نادرة لاختبار أسبوعهما المدهش معا، والذي لا مثيل له من العناق الأول إلى الوداع الأخير.. كما يتسنى لنا الاستماع بينما يستكشفان طبيعة البهجة الحقيقية ويواجهان كل واحدة من عقبات البهجة من الخوف والتوتر والغضب إلى الأسى والمرض والموت.. ثم يقدمان لنا الأعمدة الثمانية للبهجة والتي توفر أساس السعادة الدائمة.
خلال ذلك يدرجان القصص والحكمة والعلم.. وفي النهاية يشاركان تمارينهما اليومية المتعلقة بالبهجة والتي رسخت حياتهما العاطفية والروحية.
لم يدع رئيس الأساقفة القداسة أبدا. ويعتبر الدالاي لاما نفسه راهبا بسيطا.. وفي هذا التعاون المشترك يقدمان لنا انعكاس الحياة الواقعية المليئة بالألم والاضطراب والتي استطاعا في خضمها اكتشاف مستوى من السلام والشجاعة والبهجة والذي نستطيع أن نطمح إليه جميعنا في حياتنا.. الكتاب إصدار دار الخيال بلبنان.

«الرديف»- محمد المخزنجي، مصر
بداية الخليقة في تشويق دائم

واحدة من الروايات الفائزة هذا العام بجائزة كتارا لعام 2020.. تتناول الرواية شخصية رجل كهل يدعى فريد متري فاقد لجزء هائل من ذاكرته وأصابعه وجزء من لسانه، قد خرج منذ سبع سنوات من مستشفى العباسية النفسي مريضا بعدما كان طبيبا فيها، وقد امتلك مذكرات مريض آخر يكني نفسه بالرديف. عصفت بهما سلسلة من الأحداث المأساوية التي تتشابه تقريبا ببعض من الجزئيات، ليروي لنا الكاتب أحداث الرواية ثم تلك الرواية مع تلك السيرة الذاتية.. الرواية ذات فلسفة وجودية تناقش مسألة بداية الخليقة بشكل رمزي ثري مع أسلوب أدبي أخاذ، إذ يرسم أجواء الرواية بحرفية تجعل المتلقي يعيش أحداثها في تشويق دائم.
الرواية تعتبر من أدب الرعب من زاوية ما، الذي اشتهر المخزنجي بالكتابة فيه، فقد كان له أكثر من تجربة سابقة في المجال ذاته، منها رواية «ألف ليلة في الجحيم»، بالاشتراك مع الكاتبة الفلسطينية مكرم خلف.

«الديوان الإسبرطي» – عبد الوهاب عيساوي، الجزائر
سحر الماضي ومساءلة الحاضر

فازت هذه الرواية للكاتب الجزائري عبد الوهاب عيساوي بالجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الثالثة عشرة 2020.
من وصف لجنة الجائزة للرواية: تتميز الديوان الإسبرطي بجودة أسلوبية عالية وتعددية صوتية تتيح للقارئ أن يتمعن في تاريخ احتلال الجزائر روائيا، ومن خلاله تاريخ صراعات منطقة المتوسط كاملة، كل ذلك برؤى متقاطعة ومصالح متباينة، تجسدها الشخصيات الروائية، والرواية دعوة إلى القارئ لفهم ملابسات الاحتلال، وكيف تتشكل المقاومة لمواجهته.
هذه الرواية بنظامها السردي التاريخي العميق، لا تسكن الماضي، بل تجعل القارئ يطل على الواقع أو الحاضر القائم بالفعل.. كما تسحرك باستنهاضها التاريخ بأبعاده السياسية والاجتماعية لخدمة العمل الروائي الذي يتجاوز التاريخ برمزيته، ويتداخل مع رؤى القص وأصواتها من وجهات نظر متقاطعة تدعو إلى التأمل والمراجعة.
وتتابع شخوصها الخمسة بمساراتها المتضاربة، وتسير في شوارع الجزائر المحروسة ومرسيليا وباريس وكأنك تعاينها بنفسك في زمن مضى ولم تنقطع مآلاته.. وتحتك بالتركي والأوروبي والعربي وغيرهم متعاطفا وساخطا في آن واحد.
كل ذلك في انسياب روائي أخاذ، لا يدعك تترك الرواية حتى تصل إلى نهايتها بشغف يطلب المزيد.. الرواية تحكي قصة حياة خمس شخصيات تتشابك في فضاء زمني من عام 1815 إلى 1833، بمدينة المحروسة، الجزائر، أولها الصحافي ديبون الذي جاء في ركاب الحملة على الجزائر كمراسل صحافي، وكافيار الذي كان جنديا في جيش نامليار ليجد نفسه أسيرا في الجزائر، ثم مخططا للحملة، ثلاث شخصيات جزائرية تتباين مواقفها من الوجود العثماني في الجزائر، وكما تختلف في طريقة التعامل مع الفرنسيين، يميل ابن ميار إلى السياسة كوسيلة لبناء العلاقات مع بني عثمان، وحتى الفرنسيين، بينما السلاوي يحمل وجهة نظر أخرى، الثورة هي الوسيلة الوحيدة للتغيير.
أما الشخصية الخامسة فهي دوجة، المعلقة بين كل هؤلاء، تنظر إلى تحولات المحروسة لكنها لا تستطيع إلا أن تكون جزءا منها، لأن من يعيش في المحروسة ليس عليه إلا أن يسير وفق شروطها أو عليه الرحيل.

«منحنى السعادة»- ريتشارد ليدر
السعادة على شكل (U)!

هذا الكتاب يفي بالوعد الذي قطعه على نفسه من خلال عنوانه، وهو مزود بالبصيرة الحكيمة والتدريبات التي تساعدك على تقديم أفضل ما لديك.. اترك انحدار منتصف العمر، وادخل سن الرشد الجديدة ذات الهدف الأسمى.. مؤلفه ريتشارد ليدر، مؤلف دولي تتصدر كتبه قائمة الكتب الأكثر مبيعا.
الكتاب يطرح أسئلة مهمة جدا لكل من يمرون بمرحلة منتصف العمر أو ما بعد الأربعينيات، مثل: لماذا تميل السعادة لأن تصبح أكثر صعوبة في الأربعينات من العمر؟ لماذا يشعر المرء بالركود أو الأزمة بينما يحقق النجاحات في منتصف العمر؟ من أين يأتي هذا الشعور بالضيق؟! وهل سينتهي هذا الشعور؟
الكتاب يثبت – بناء على حقائق علمية جديدة – ووفقا لأحدث العلوم والقصص الإنسانية، أن السعادة ممكنة جدا بعد الأربعينيات وتحديدا في الخمسينيات.. وأوضح أن السعادة تتبع مسارا على شكل حرف U يعرف بـ»منحنى السعادة»، حيث تنحدر السعادة من تفاؤل الشباب إلى الركود الطويل والمنخفض في منتصف العمر، قبل أن يرتفع مرة أخرى في الخمسينيات من العمر وتقديم مكافأة غير متوقعة من الرضا والحكمة في الخمسينيات.
«منحنى السعادة» لا ينير غابة منتصف العمر المظلمة فحسب، بل أيضا يساعدك في العثور على مسارك عبر غابة الحياة.. أيضا يوضح لنا منحنى السعادة كيف يمكننا – ولماذا يجب علينا – بذل المزيد من الجهد لمساعدة بعضنا البعض عبر هذه الغابة – غابة الحياة؟
يعرض كتاب (منحنى السعادة) الكثير من الإضاءات حول تطور السعادة، ويقدم نصائح للاستعداد لمراحل العمر المختلفة.

«ميلانين»- فتحية دبش، تونس
(التونسية السوداء)!

تدور الرواية حول موضوع الهوية المركبة، حيث تعكس هوية الكاتبة نفسها، فهي تونسية مهاجرة إلى فرنسا وتحمل الجنسيتين التونسية والفرنسية ثم صارت تحمل هوية ثالثة: «التونسية السوداء».. لذلك كتبت هذه الرواية بصدق وعمق فاستحقت جائزة كتارا لهذا العام، وهي تطرح تساؤلات مهمة مؤرقة: هل الإنسان مسؤول على لون بشرته؟ هل مسؤول عن جنسيته شرقيا كان أم غربيا أم إفريقيا؟ هل مسؤول عن جنسه ذكرا كان أم أنثى؟
وتبدو الإجابة طبيعية ومعروفة تجيب عنها الطبيعة و(الميلانين) أو الصبغة الجلدية المميزة للونه، لكن مع الأسف الشديد، المجتمع والبيئة والثقافة تحدد قيمة الإنسان بهويته وبلونه وبجنسه.
الرواية تكشف عن تفاصيل هوية (أنيسة عزوز) الشخصية الرئيسية في الرواية الأتية من عمق الجنوب التونسي (مارث/ قابس)، فبعد دراستها للصحافة تذهب لفرنسا لكتابة تحقيق حول الهوية الذي أصبح فعل مقاومة ازداد حدة بعد الثورات العربية.. فتتوغل أنيسة عزوز في عمق مدن فرنسا لتبين المعاناة التي يعيشها العرب المسلمون والأفارقة السود الذين يطحنون يوميا من فرط الاستغلال الفاحش وسوء المعاملة أو ما وصفته الكاتبة بـ (الرق الجديد)، كما تفتح الرواية ملف الاغتراب الذي يعيشه السود في تونس، فإن كانوا في فرنسا يعتبرون أقلية، وإن كانوا في تونس يعتبرون (مجرد ظلال) كاشفة عن العزلة التي يعيشونها وهم التونسيون أبا عن جد، ولكن المجتمع والسلط والقوانين لا ترى فيهم ذلك وتعتبرهم غرباء نتيجة هذا الاختلاف اللوني، فيعيش التونسي الأسود شتى أنواع العنصرية في الدراسة وفي العمل إن وجدوا عملا وفي الشارع أيضا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق