الاعلامية أسـرار الأنصـاري: من ذكرى والدتي أستلهم قوتي.. فأكون شخصاً أفضل!

فقدت والدتها بسبب السرطان! لكن هذا الفقد لم يؤثر على نظرتها للحياة وطاقة إبداها. رغم كل آلامه وقسوته. بل إنها أصبحت من داعمات مرضى السرطان وتسعى لتقديم كل العون الممكن لديها، ودعم حملات التوعية ضد هذا المرض الفتّاك. حول هذه التجربة وتجارب أخرى في الكتابة والإبداع في حياة الإعلامية والكاتبة أسرار الأنصاري كان لنا معها هذا اللقاء.
تجربة والدتي مع السرطان وفقدانها كانت درسا ًفي القوة والصمود!
كونك فقدت والدتك بسبب مرض السرطان.. كيف أثرت هذه التجربة عليك؟ وماذا تعلمت منها؟
- تجربة فقدان والدتي بسبب مرض السرطان كانت تجربة حياة صعبة ومؤثرة بالنسبة لي، كانت درسا في القوة والصمود، تعلمت قيمة الوقت وأهمية التفاعل مع أحبائي بشكل أكبر. تذكيري بوالدتي يلهمني دائما لأكون شخصا أفضل، وأسعى لمساعدة الآخرين ودعم حملات التوعية بسرطان الثدي؛ لأنها قضية تستحق كل الدعم والاهتمام ولضمان أن المستقبل يكون أفضل للجميع.
في شهر أكتوبر تعقد العديد من الفعاليات للتوعية بسرطان الثدي.. كيف يمكن للأفراد المشاركة في هذه الجهود ودعم الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض بشكل أفضل؟
- مهم، ومهم جدا أن ينخرط الأفراد بأمر التوعية على مدار العام، وليس في أكتوبر فقط، وذلك من خلال دعم حملات التوعية بسرطان الثدي عبر التبرع، المشاركة في الفعاليات، نشر المعلومات، وتقديم الدعم العاطفي للمتأثرين.
هل تخافين من مجرد الحديث عن هذا المرض؟
- إطلاقا لا، بل أشجع على هذا الأمر، وأكنُّ كل الاحترام والتقدير لمن يشاركون تجاربهم من الناجين من هذا المرض الذين يتحدثون عن قصة كفاحهم أو الأطباء والمتخصصين الذين يسهمون في رفع الوعي.. فالإصابة بالسرطان لا تعني الموت الحتمي، لقد آن الأوان لتتغير الفكرة.
على أعتاب إنهاء
إصداري الأدبي الثاني، وروايتي الأولى
أين تقف أسرار من الكتابة اليوم؟
- أقف اليوم على أعتاب إنهاء إصداري الأدبي الثاني، وروايتي الأولى.. توقفت لزمن ليس بالقصير، لأسباب كثيرة، لكني اليوم سعيدة بهذه الهمة التي أحملها في داخلي، وظلت متقدة على مدى عشرة أشهر، المدة التي انقضت وأنا أعيش مع قصة وأحداث الرواية وشخصياتها، أكتب وكأنني فعلا صرت في عالمهم ومعهم. العودة إلى الكتابة، عودة إلى الذات.
لم تأخر قرار إعادة نشر عمل مكتوب لك 10 سنوات تقريبا؟
- السبب الرئيسي هو أنني لم أكن أرتب أولوياتي بشكل جيد.. فالانشغال بالأمور الشخصية والمهنية التي استغرقت وقتا كبيرا أدى إلى تأجيل أي مشروع عمل أدبي؛ لأنني أجد نفسي دائما بلا وقت أو طاقة كافيين للتفرغ للكتابة، بل بدأت بعدة أعمال ولم أنهها.. لكنني اليوم أحمل في قلبي وداخلي الكثير لأقوله، لأعبر عنه، أشياء نوعا ما حاصرتني كل هذه السنوات، ونضجت وخرجت على شكل رواية، فالكتابة، دائما وأبدا أداة للتعبير عن أمل خلق التغيير وصنع الفرق.
هل كان لديك مكان سري للهروب والقراءة عندما كنت صغيرة؟
- لست أعرف السبب الحقيقي إلى يومنا هذا، لكني كنت أستمتع بالقراءة بداخل خزانة الملابس، أترك الباب مواربا قليلا ليدخل النور، وأندمج بما أحمله بيدي.. قد تكون رغبة في الانعزال التام أو ربما كانت تلك طريقتي للبحث عن الخصوصية والهدوء للتركيز العميق في عالم القراءة.
ما أكثر كتاب قرأته في صغرك وترين أنه ترك تأثيرا عميقا على تفكيرك وخيالك؟
- مجلد قصص الأنبياء، لأن قصصهم كانت مثل نافذة تفتح أمامي إلى عوالم متوازية تمتلئ بالإيمان والتحديات والتحولات.. لم تكن مجرد قصص، بل كانت دروسا تعلمتها حيال قوة الإرادة والتفاؤل حتى في أصعب اللحظات.. تعلمت منها أن الصدق والإخلاص يمكن أن ينقلا الجبال، وأن الرسالات النبيلة تستحق الدفاع عنها حتى في وجه المصاعب.. هذه القصص تركت بصمة عميقة على تفكيري، وساهمت في بناء قيمي الأساسية التي أعتمدها في حياتي.
ما مدى إيمانك في تأثير الأدب؟
- إيماني في تأثير الأدب لا يقتصر على الإيمان فحسب، بل يمتد إلى الإدراك العميق بأن الكلمات والقصص تمتلك القوة لتغيير العالم وتحويل الأفكار إلى واقع والتواصل مع الآخرين بطريقة تفوق الحدود الزمنية والمكانية.. فالأدب هو عبقرية الإنسان التي تلامس أعمق نقاط الروح، وتشعل شرارات التفكير، هو قوة تعبر عن الإنسانية بكل تعقيداتها وجمالها وتحدياتها.. إنها لغة تجمع بين الجمال والعمق، وترسم لوحات من المعاني والمشاعر.
من مثلك الأدبي الأعلى؟
- أعتبر هذا من أصعب الأسئلة، لأنني من فريق ااقطف من كل بستان زهرةب إلا أن جوابي اليوم هو الدكتور غازي القصيبي، بلا منازع.. إنه ليس مجرد كاتب، بل هو أديب وقائد وإداري وشاعر ودبلوماسي وسفير ووزير.. استطاع ببراعة الحفاظ على حالة من الإبداع، رغم مسؤولياته المهنية والاجتماعية الكبيرة.. قدم الكثير لوطنه ولقرائه من خلال إنتاجه الأدبي الغزير.. هذا الاختيار يعكس تقديري الكبير لتميزه وتأثيره الإيجابي على الأدب والمجتمع.
كيف ساهم حب القراءة الذي نشأت به في الصغر بتشكيل منظورك الثقافي وكتاباتك الخاصة؟
- حب القراءة الذي انبثق في صغري كان كنزا لا يقدر بثمن، فهذا الاستكشاف الثقافي المبكر علمني أن هناك تنوعا لا حصر له في آراء وأفكار البشر، وأن كل صفحة جديدة أقرؤها تفتح أمامي نافذة إلى عالم جديد ورؤى مختلفة.
وعندما بدأت في الكتابة بنفسي، كان لدي تفهم أعمق للأدب والأساليب الأدبية المختلفة، كما أن حب القراءة دعم قدرتي على التعبير وصقل مهاراتي اللغوية، مما ساعدني على نقل أفكاري ورؤيتي بجلاء أكبر.
بشكل عام، حب القراءة في الصغر كان جسرا للمعرفة والفهم، ومصدر إلهام دائم لممارسة الكتابة والتعبير الإبداعي.
تعلمت قيمة الوقت وأهمية التفاعل مع أحبائي بشكل أكبر
في حالتك، هل من السهل إيجاد التوازن بين العمل الحكومي تحديدا مجال العلاقات العامة والتسويق والكتابة الإبداعية؟
- لا يمكنني إنكار أن هناك صراعا داخليا صعبا. في بعض الأيام، يمكن أن يكون العمل مستبدا، ويبدو أن الزمن لا يكفي للكتابة. وفي أوقات أخرى، يمكن أن تكون رغبتي في الكتابة مضغوطة بأولويات العمل والمسؤوليات.
ولكن هذا الصراع هو أيضا مصدر إلهام. إنه يجبرني على تقديم الجهد الإضافي للتوازن بين الجوانب المختلفة في حياتي، ويجعلني أقدر قيمة الوقت والفرص، ويساعدني على استغلال كل لحظة في الكتابة بشكل أفضل وأكثر فاعلية. وفي النهاية، إنه جزء لا يتجزأ من رحلتي الإبداعية، ويعكس تحديات الحياة وكيف أتغلب عليها.
هل تعتقدين أن هناك علاقة بين الجمال الحقيقي والصحة العقلية والعاطفية؟
- طبعا، فالجمال الحقيقي ينبع من الروح والعقل، وهو مرآة للنفس الداخلية. عندما نعيش حياة صحية على الصعيدين الجسدي والعقلي، نصبح أكثر إشراقا وجاذبية، فصحة الجسد تمنحنا طاقة وحيوية لا يخطئها أحد، وحين نكون سعداء ومتوازنين على مستوى العقل والعاطفة، سنبدو دائما أجمل بصورة فريدة ومغايرة.
هل تعتقدين أن هناك ضغوطا كبيرة على الأفراد لتحقيق المظهر الجمالي المثالي في المجتمع اليوم؟
- نعم، وتأتي من مصادر متعددة، أولها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي تعرض صورا معدلة ومثالية للجمال، وتركز على المظهر الخارجي إلى حد بعيد، هذا الضغط يمكن أن يؤثر سلبا على صحة الأفراد العقلية والنفسية، حيث يمكن أن يشعر الأفراد بعدم القبول أو عدم الكفاءة إذا لم يتوافقوا مع المعايير المفروضة على الجمال. إلى جانب ذلك، يمكن أن يؤدي هذا الضغط إلى تطوير مشكلات صحية نفسية مثل اضطرابات الأكل وانخراط في سلوكيات تحسين المظهر بشكل غير صحي، هذا يظهر أهمية تعزيز فهم أوسع لمفهوم الجمال الحقيقي، والتركيز على الثقة بالنفس والصحة النفسية والقوة الداخلية عوضا عن الاعتماد فقط على المظهر الخارجي معيارا للجمال.
على الأجيال الصاعدة من النساء أن الجمال ليس معيارا قائما على معايير ثابتة، بل هو شيء شخصي وفريد يعكس شخصيتهن وقدراتهن!
ما الأمر الذي تتمنين أن تشاركيه مع الأجيال الصاعدة من النساء كتجربة أو نصيحة؟
- أن يتجاوزْنَ حدود الجمال الظاهر، ويكتشفن الجمال الحقيقي الذي ينبع من الثقة والإيمان بأنفسهن. يجب عليهن فهم أن الجمال ليس مقتصرا على مظهرهن الخارجي، بل يشمل أيضا القوة الداخلية والإرادة.. ببساطة، الثقة بالنفس وتحقيق الأهداف تجعل المرأة جميلة على نحو فريد ولامع. عليهن أن يفهمن أن الجمال ليس معيارا قائما على معايير ثابتة، بل هو شيء شخصي وفريد يعكس شخصيتهن وقدراتهن. هذا هو الدرس الذي أتمنى له أن يترسخ في قلوبهن ليصبحن نساء جميلات بكل معنى الكلمة، جمالهن يشع من داخلهن، ويتألق في ملامحهن وتصرفاتهن.