بصور موجهة للمجتمع المتنمر عليها.. البحرينية إيناس سيستاني.. تنتصر لنفسها على نظرة المجتمع إلى مرضها النفسي!
الشابة البحرينية إيناس سيستاني قررت تحويل معاناتها النفسية إلى دعوة لقبول وتقبل المرض النفسي.. واختارت التصوير وسيلة قوية مبدعة لذلك.. فكانت النتيجة تحقيق حالة إيجابية منفتحة على السوشيال ميديا حول الصحة النفسية.
البداية.. اكتئاب في المراهقة
في لقاء معها مع CNN العربية تقول سيستاني: بدأت كل هذه المشاكل عندما كنت في سن المراهقة، حينها عانيت من حالات شديدة من الاكتئاب، وكنت ألجأ إلى أطباء نفسيين لمساعدتي في علاج حالة الاكتئاب، لكن مع مرور الوقت، تفاقمت حالتي وشعرت بأن ما أعاني منه هو أكثر من مجرد اكتئاب.
ولذلك، الأمور تفاقمت أكثر عند دخولها مرحلة الجامعة، فأثناء دراستها للماجستير في الولايات المتحدة الأميركية بدأت أعراض “اضطراب الشخصية الحدية” تظهر لديها بشكل قوي، لذا طلبت المساعدة الطبية المتخصصة. وخضعت لجلسات العلاج النفسي هناك مع مراجعة طبيب نفسي قام بتشخيص حالتها باعتبارها شخصية حدية وكان ذلك عام 2019.
التصوير.. أبلغ تعبير عن معاناتها
بعد أن تم تشخيص حالتها النفسية المرضية، لجأت سيستاني إلى نوع من العلاج بالفن، وهو التصوير الفوتوغرافي للتعبير عن تجربتها النفسية الخاصة مع مرض من أصعب أنواع اضطرابات الشخصية (الشخصية الحدية)! أرادت سيستاني تسليط الضوء على تجربتها الشخصية مع اضطراب الشخصية الحدية ومراحل تطور تجربتها مع الصحة النفسية على مر السنين من الاكتئاب إلى أسلوب تعايشها مع هذا الاضطراب النفسي الصعب.
قامت سيستاني بإبداع مجموعة متنوعة من الصور تمثّل مختلف الأمراض النفسية مثل الاكتئاب واضطراب تشوُّه الجسم والتوتر وبشكل خاص اضطراب الشخصية الحدّية.
وقد صدرت المجموعة الأولى من صور سيستاني بهدف التعبير الشخصي الخاص بها عن كيفية تعامل المجتمع مع المرضى النفسيين، وكيف يمكن للكلمة الجارحة أن تحفر ندوبًا في الشخص، كأنها جروح مادية جسدية- بحسب ما ذكرته لـ CNN بالعربية، فقد أرادت التركيز على التحديات التي يواجهها الأشخاص المصابون باضطرابات نفسية في مجتمع يفتقر إلى الوعي والثقافة حول الأمراض النفسية والتقبل لها.
الصورة.. تعبير عن المشاعر وترجمة لها
تقول سيستاني عن تصويرها تعبيرا عن مشاعرها الصعبة: أقوم بإنشاء الصورة في اللحظة التي أعيش فيها شعورًا مرتبطًا بصحتي النفسية، مثل نوبة اكتئاب أو التعامل مع إساءة الفهم.
أعمالها تهدف إلى توفير مادة للتفكير حول كيف يمكننا التخلص جماعيًا من الصورة النمطية المرتبطة بالأمراض النفسية
نشر الوعي بقبول الأمراض النفسية في المجتمع
تسعى سيستاني لنشر الوعي حول الأمراض النفسية وتصحيح المفاهيم الشائعة حولها، وتشجيع النقاش والدعم للأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض.. وترى في ذلك أن أعمالها تهدف إلى توفير مادة للتفكير حول كيف يمكننا التخلص جماعيًا من الصورة النمطية المرتبطة بالأمراض النفسية، وكيف يمكننا إيجاد طرق لبناء مجتمع متسامح يتقبّل الآخر.. فهي عند إبداعها لهذه الصور تود أن تفكر فيها كتجربة جماعية تتيح تفسيرات مفتوحة، وتخلق فرصة للمشاهدين للتعاطف مع ما يرونه وربطهم ذلك بتجاربهم الشخصية.
صور المعاناة تصنع الفارق الكبير!
بعد مشاركة سيستاني لهذه الصور عبر منصات التواصل الاجتماعي، قام العديد من الأشخاص بالتواصل مع سيستاني لإخبارها عن تجاربهم الخاصة مع المرض النفسي وعن مدى صعوبة التحدث عنه لأصدقائهم وعائلاتهم، وكيف كانوا يقابلون بالتجاهل عوضا عن الدعم للبحث عن العلاج!
وهنا وصلت سيستاني إلى تحقيق هدفها النبيل الجميل، فكم صارت سعيدة بعد أن لمست تغيرا كبيرا في الوعي المتزايد لدى الناس والمجتمع بطبيعة المرض النفسي، كما لمست بنفسها كيف أن الكثيرين من المرضى النفسيين أصبحوا يجاهرون بمرضهم، وبدأوا بالحديث عن معاناتهم النفسية في جرأة وعدم خوف من نظرة المجتمع لهم.