بوستر.. أو فيديو.. وتنتهي المعايدة! ماذا تبقى من «روح رمضان».. في عصر السوشيال ميديا؟
كما غيرت السوشيال ميديا أوجهاً كثيرة في حياتنا وأفكارنا ونظرتنا للأمور، هكذا أثرت على عاداتنا وتقاليدنا خاصة في احتفالاتنا الدينية والروحية ومنها شهر رمضان المبارك في عاداته وتقاليده وروحه الأصيلة، وهو الشهر الذي وصفه رب العزة – جل شأنه – بأنه أيام معدودات، وبالفعل هو كذلك… فكيف غيرته؟ بل ماذا تبقى من «روح رمضان».. في عصر السوشيال ميديا؟ وهل يتغلب رمضان «الديجتال» على رمضان الأصيل؟!
هيمنة السوشيال ميديا أصبحت حقيقة واقعة في حياتنا، وقد صار من الملاحظ مع تصاعد هذا التأثير الطاغي للسوشيال ميديا بأساليبها السهلة السريعة أن بعض مظاهر الاحتفال والممارسة لشهر رمضان الفضيل قد تغيرت بالفعل تأثرا بهذه “الروح الديجيتال” الجديدة التي غيرت من روح رمضان وبهجته.. ولكن كيف؟
بوستر.. أو فيديو.. وتنتهي المعايدة!
أصبحنا نكتفي عند المعايدة على الأهل والأصدقاء والمعارف بمجرد بوستر صامت مصمم، خصوصا للمناسبة الجميلة أو حتى فيديو للغرض نفسه، ونرسل هذا أو ذاك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ثم ينتهي الأمر!
أصبح صورة أو مقطع فيديو من أنشودة وتهنئة وينتهي الأمر، فقط جملة مرسومة ملونة مثل “عساكم من عواده” أو”تقبل الله طاعتكم”ـ فتمتلئ “جروبات” الواتساب وباقي وسائل التواصل الاجتماعي بكم هائل من البوسترات التي تخلو من أي روح! ولا تمس القلوب بأي مشاعر رمضانية حقيقية نابعة من صوت الشخص أو زيارته لمن يريد أن يهنئه!
كثير من «الجروبات الافتراضية».. قليل من التجمعات العائلية!
في الحقيقة أن تكنولوجيا الاتصالات جعلت لكل شخص هاتفًا في يده، واستبدلت التواصل الإلكتروني الزائف باللقاء الإنساني الحقيقي، وأصبحت التجمعات العائلية قليلة بشكل مخيف، ولذلك هناك بعض التجمعات العائلية في رمضان تنجو ببعض الترابط بين أفراد العائلة.
التكنولوجيا الرقمية.. حواجز عائلية سميكة!
فهد الإبراهيم يقول: أيضا هناك صور خاصة عن رمضان محفورة في ذاكرتنا مرتبطة بلقاء العائلة والشعائر الدينية والطعام اللذيذ والمحبة، نعم خلقت التكنولوجيا بيننا كعائلة حواجز سميكة، وصنعت حول كلٍ منا دائرة افتراضية فصلته عن الآخر! إلا أننا حين نجتمع أنسى ذلك، وأشعر بالحماس والقوة، وأتمنى أن نظل مجتمعين.
دلال الخنيني ترى أن رمضان الآن أصبح عبارة عن محاولة لجعل الإنسان أقرب ما يكون إلى الروبوت، يرى ويسمع ويستجيب، ولكنه فاقد للحس، وتذوق الجمال وبالطبع بعيد البعد كله عن روحانيات ونفحات طيب الشهر الكريم كما ألفناه واعتدناه، وبالرغم من ذلك يظل رمضان هو الاستثناء الجميل في دائرة الأيام المفرغة، ونطلب دائمًا هذا الاستثناء أبدًا ما حيينا بحول الله ومشيئته، وعساكم من عواده.
برامج التواصل الاجتماعي في رمضان.. استعراض اجتماعي!
الفنانة التشكيلية ليلى أشكناني ترى أن برامج التواصل الاجتماعي في رمضان أصبحت عبارة عن استعراض للقدرات المادية والمعارف، والقيمة الطبقية من خلال عرض الموائد والخيام الرمضانية، ناهيك عن التباهي بأداء العبادات والطاعات وكأنَّها مقتصرة على شهر رمضان فقط، وتقول: بالنسبة لي أحاول قدر المستطاع البعد عن وسائل التواصل في رمضان، وأحرص على متابعة الشخصيات الملهمة والمؤثرة، التي تنشر رسالة هادفة.
هناك محاولات عائلية.. تقف في وجه العزلة التكنولوجية.. وتصر على التجمع معاً أو «اليمعة»!
لكن هناك البعض من العائلات التي تصر على أن تبقى في ألفة، وتجمع في شهر رمضان الفضيل، بالرغم من سيطرة التباعد الذي تسهله أو تيّسره السوشيال ميديا.
فهد الإبراهيم يقول: “يمعة رمضان” دائماً تسكنها روح مختلفة، نقرب من القلوب والعقول، لنجتمع خارج ضغط آلة الروتين اليومي المنهكة. لحظات الفرح هي الفرصة الحقيقية التي يجب أن نتمسك بها، لم يعد الناس يولون اهتمامًا للتجمع العائلي مثل الماضي، ومع ذلك مازال شهر رمضان قادرًا على تغيير هذا الجفاء، إذ تزدهر فيه الروحانيات والسلام الداخلي، ويحب الناس أن يلتقوا بعضهم فيه، نحن نعتبر التجمع في رمضان جزءاً من التقاليد.
فاطمة محمد: تجمع عائلتي هو أفضل شعور في الدنيا وأكون سعيدة حين أراهم يفتحون المناقشات وتختفي وسائل التشتيت الإلكترونية من بيننا
فاطمة محمد تقول: السوشيال ميديا ساهمت في هذه العزلة الاجتماعية أيضا؛ لأنها جعلت الناس متاحين لبعضهم طيلة الوقت، ولم يعد هناك افتقاد، لكن ربما تزيد نسبة تجمعاتنا في رمضان؛ لأن هناك موعداً محدداً لتناول أول وجبة، أي أن لحظة الإفطار لحظة مقدسة. وبالنسبة لي تجمع عائلتي هو أفضل شعور في الدنيا، وأكون سعيدة حين أراهم يفتحون المناقشات، وتختفي وسائل التشتيت الإلكترونية من بيننا.
ويقول د. فواز راشد: أحاول في استخدامي لوسائل التواصل في رمضان أن أخصص لها وقتاً مناسباً ومحدداً، وذلك حتى أركز على صلة الرحم في هذا الشهر الفضيل، وحضور المناسبات الثقافية، كما أنني أهتم بقراءة ما يفيدني من فوائد رمضانية وأذكار ومعلومات، وأساهم في نشر معلومات قيمة عن الشهر الفضيل. لذلك فإن أثر السوشيال ميديا بالنسبة لي إيجابي.
د.بسام البطحي قدم مشروعاً لحماية الأسرة في رمضان من الانعزال والعصبية وقلة الانتباه
دكتور بسام البطحي طبيب العائلة قدم مشروعاً للأسرة في رمضان، وأكد أنه أفضل مشروع جديد يمكن أن نقوم بتجربته في رمضان له أثر كبير على الصحة النفسية لأبنائك وأسرتك، وسيقلل معاناتهم من الوحدة والانعزال والقلق والعصبية وقلة الانتباه. وتخصيص منطقة خالية من جميع الإلكترونيات في المنزل Tech free zone تجلس معهم فيها لمدة ساعة من الزمن.