«سفر الروح» رحلات تحتضن الطبيعة «أيمان الله» صاحبة مبادرة رحلات حصاد لأول مرة في مصر
مع شروق الشمس، يُردد الفلاحون أغاني تراثية عن الحصاد وجماله، ويشاركهم فرحتهم زائرون من أماكن مختلفة، يمسكون بالسلال لجمع المحصول.. إنها رحلات من نوع مميز، تستهدف زيارة الريف، تحت شعار «سفر الروح» أطلقت أيمان الله أشرف مبادرتها، لتجوب عدداً من المحافظات المشهورة، للاستمتاع بجمال الطبيعة ومشاهدة لحظات الحصاد التي ينتظرها الفلاح باشتياق شديد، وشكل المحصول بعد نضوجه.
الهدف اكتشاف جمال وسحر البلد بعيداً عن زحام العاصمة ليتحول الريف المصري لوجهة سياحية
ما الهدف من وراء مبادرة «سفر الروح» لرحلات الحصاد؟
- الهدف من وراء مبادرة رحلات الحصاد نشر ثقافة الرحلات الريفية في كل مكان، وجذب سكان المدينة للعيش في ضيافة الطبيعة والتعرف عليها، ولو لساعات معدودة، واكتشاف جمال وسحر البلد بعيداً عن زحام العاصمة ليتحول الريف المصري لوجهة سياحية، وإحياء الريف المصري وتقدير الفلاحين، وفتح مصدر دخل آخر لديهم والاستشفاء بالطبيعة والاستجمام بعيداً عن صخب المدن.
من الهندسة إلى تنظيم الرحلات بروح مختلفة، كيف ولدت فكرة رحلات حصاد الثمار؟
- من صغري وأنا شغوفة بالنباتات والأشجار، وعلى علم ببعض أسماء النباتات وأنواعها، والسبب في ذلك؛ أن الوالد زرع في داخلنا حب الزراعة، ولذلك وُلِد لديَ الاهتمام بها.
الطبيعة قادرة على تحسين الحالة النفسية
هل ساعدتك في تخطي بعض الظروف النفسية التي ألمت بك؟
- الطبيعة قادرة على تحسين الحالة النفسية، وتجديد الطاقة الإيجابية وتصفية الذهن، كنت أعاني من حالة نفسية وجسدية سيئة، ووجدت في السفر بابا لشحن طاقتي وتهدئة أفكاري ومشاعري؛ حيث إن السياحة العلاجية من أقدم أنواع العلاج، وهذا ساعدني كثيراً في التحسن.
تجربة رحلات الحصاد تجربة فريدة حسية شافية مع الطبيعة
حدثينا عن رحلات الحصاد.
- تجربة رحلات الحصاد تجربة فريدة حسية شافية مع الطبيعة، ليس بها انبهار، ولكن بها سعادة وقطفا ويقظة.. بهجة الزرع وطاقة الربيع والصيف وفواكه وزهورا، وكل محافظة تشتهر بنوع معين من المحاصيل، مثل قرية شبرا بلولة بالغربية التي تشتهر بالياسمين، وتنتج سنوياً ثلث إنتاج العالم منه، وقرية ابشواي بالفيوم المشهورة بزراعة النباتات الطبية والعطرية التي تستخدم في صناعة بعض الكريمات، والإسماعيلية التي ارتبط اسمها بمحصول المانجو والفراولة.
في رحلاتنا نزور المحافظات، ونكتشف الأنواع المشهورة بها ووقت الحصاد، فهناك الكثير لا يعلم أن مصر تصدر هذه المحاصيل لدول شرق آسيا وأوروبا، وأيضا أشجار الموالح مثل البرتقال والمشمش الذي اشتهرت به محافظة القليوبية.
وما أول رحلة قمت بها؟
- كانت أول رحلة نظمتها في أغسطس 2020، بدأت رحلات الحصاد، ووقتها كان موسم حصاد الياسمين، ولم يكن هناك أحد قام برحلة للحصاد نهائيا، ولم يكن هناك مبادرة تُوفر للناس زيارة الريف بدلا من المدن السياحية، وفي أول رحلة نظمتها، العدد اكتمل بعد 4 ساعات، ولم يكن أحد مصدقاً أن يحدث ذلك بسرعة، وبعدها بدأت شركات سياحة تستلهم الفكرة منا، وأنا فخورة بأن المبادرة بدأت تنتشر والناس تتفاعل معها.
اصطحبت معي من 12 إلى 50 فرداً، يجمعهم حب المتعة، يسيرون على قواعد نظامية لنجاح رحلتهم، بداية من مغادرة منازلهم ليلاً، لركوب الشاحنة التي تبدأ بالتحرك فور اكتمال العدد للوصول فجراً إلى قرية اشبرا بلولةب، وبدء مغامرة بين الحقول الخضراء، بمقابل مادي في متناول الجميع. وهناك عائلات تتواصل معي لينزلوا كجروب، وأحدد معهم رحلة، وهناك مواعيد محددة للتحرك.
رحلات حصاد الياسمين هي الأقرب إلى قلبي
ماذا عن رحلة حصاد الياسمين؟
- تبدأ الرحلة بالذهاب إلى الحقول مع شروق الشمس، لمشاركة الفلاحين فرحتهم، وسماع أغانيهم التراثية عن الحصاد، وبعدها الذهاب إلى أماكن الاستضافة لمساعدتهم في غزل أطواق الياسمين، وأيضا حضور محاضرة علمية من أحد القائمين على التصنيع والتصدير في القرية نفسها، للإدلاء بمعلومات عن تصنيع زيت الياسمين، وأهم المصانع الموجودة في القرية.
يستكمل الزوار جولتهم بالتسامر مع الفلاحين، وسماع قصص حياتهم، وتناول وجبات من صنع أيديهم، ولا تخلو الزيارة من الذهاب لمقام السيد البدوي بطنطا، وفي نهاية اليوم يعودون إلى منازلهم، بعد شواء الذرة والبطاطا وتناول مشروب القصب.
أسعى جاهدة ومعي فريق عمل «سفر الروح» لخلق بيئة صحية وآمنة للعائلات والفتيات
ماذا عن الأماكن التي يمكن أن تجمع بين السياحة التقليدية والريفية؟
- هناك أماكن بها سحر خاص وراحة لا مثيل لها في أي مكان آخر، وأناس اجتمعوا على حب الطبيعة، ولذلك أحاول أن أمزج بين السياحة التقليدية والريفية، مثل الفيوم التي بها وادي الريان كمكان سياحي وأغلبنا يعرفه، لكن الكثير لا يعرف أنها مشهورة بالنباتات الطبية، ولذلك أقوم بتنظيم برنامج ترفيهي يجمع الاثنين وهكذا.
نرى جواً مبهجاً وروحا جميلة تجمع بين المشاركين في الرحلات معك كيف تقومين بذلك؟
- أسعى جاهدة ومعي فريق عمل اسفر الروحب لخلق بيئة صحية وآمنة للعائلات والفتيات، وكل من يرغب في تجديد روحه، والجو العام يتميز بأنه عائلي ومريح، ونُوفر أيضا رحلات للأصحاب وطلاب الجامعات، وطلاب المدارس والحضانات ليتواصل الاطفال مع الطبيعة ويطبقوا ما درسوه في العلوم والجغرافيا على أرض الواقع، والكل يستطيع أن يشارك، ونعده بأن الرحلة ستلقى قبولا لديه، وتُدخل عليه السرور، بأفضل برنامج ترفيهي.
من الأكثر إقبالا على هذه الرحلات؟
- هناك إقبال من الفتيات، ومن كبار السن وأيضا من الشباب الأكبر من ثلاثين عاما تقريبا، ونأمل أن يقوم الجميع بتجربة الرحلات لأقصى استفادة.
ما أقرب الرحلات إلى قلبك؟
- رحلات حصاد الياسمين هي الأقرب إلى قلبي لأنني ما زلت أذكر تفاصليها، ولأن رحلة حصاد الياسمين لها طبيعة خاصة، فكل ما يذهب لها يعود براحة نفسية كبيرة، وكما الكثيرون قالوا لنا إننا نعود لننام بعمق لم يكن قبل الرحلة، حتى إن هناك مشاركة كانت تتناول المنوم كل ليلة لتنام، ولكنها لاحظت كلما ذهبت معنا لحصاد الياسمين تعود لتنام دون منوم وبهدوء.
ماذا عن القرية التي لا تنام؟
قرية اشبرا بلولةب تعد موطنا عزيزا للياسمين وساحة لأعياد وعادات حصاده؛ فموسم جني الياسمين يشكل طقسا جماعيا مبهجا تشترك به جميع أفراد الأسرة التي تتحول إلى اخلية نحلب في خدمة الياسمين وأزهاره.
ولجني الياسمين عادات ثابتة، فالجميع يلبي نداء الخروج إلى جني الياسمين من الليل إلى الساعات الأولى من الصباح، لضرورة جنى الزهرة الفواحة قبل بدايات الصباح وزيادة حرارة الجو. وترتبط عملية الجني بعدد من الأغاني والأهازيج التي ترددها الفتيات، ومن ورائهن باقي أفراد الأسر المشاركة.. حتى إذا ما أشرقت الشمس، توقف العمل.