في لقائنا مع صديق الطلبة ومبدع الكيمياء معاذ الشلال: رسالتي توصيل المعلومة بطريقة مبسطة
هو أحد أبناء الكويت الأوفياء، نموذج رائع ينبغي أن يحتذي به الكثيرون، أخلص لعمله فأعطاه محبة الناس، لقب بمبدع الكيمياء نظراً لقدرته الفائقة على توصيل المعلومة بكل سلاسة، أنشأ قناة اليوتيوب ومنصة «علا» لخدمة المجتمع ومحبي العلم، ومساعدة الطلاب على النجاح والتفوق وتخفيف العبء عن أولياء الأمور من جراء الدروس الخصوصية، ذاع صيته وانتشرت القناة والمنصة، وصار حديث الطلبة والمعلمين في المدارس جميعها، وأصبح علما من أعلام تدريس مادة الكيمياء بمناهج الكويت، إنه المعلم الوفي القدوة الأستاذ معاذ الشلال، حيث استضافته مجلة «أسرتي»، وكان هذا الحوار وإليكم التفاصيل:
في البداية نود أن نتعرف عن قرب لماذا اخترت تخصص الكيمياء بالتحديد؟
- حينما كنت طالباً في المرحلة الثانوية كنا نقوم بعمل تجارب معملية في الكيمياء، فعشقت هذه التجارب، ورأيت أنها منطقية، كما حببها إليّ مدرس الكيمياء أشرف فؤاد، عليه رحمه الله، والذي ما زلت أذكره بالخير، ومن هذه التجارب أن قمنا بصب مادة شفافة على مادة شفافة، ومع ذلك طبعت لنا لونا ورديا، وكان هذا الشيء غريباً جدا، مما لفت انتباهي جداً، وصرت أهتم بمثل هذه التجارب، وأصبح شيئا سهلاً بالنسبة لي واستمررت به.
أنشأت قناة يوتيوب لشرح الأسئلة وتبسيطها حتى لا يحتاج الطالب للدروس الخصوصية
كيف كانت بدايتك مع تدريس الكيمياء؟
- بالنسبة لموضوع التدريس كانت لدي ميول وحب أن أقوم بتدريس “ربعي” من هم في المرحلة الثانوية، وخاصة من فاته درس في الكيمياء لظروف، فكنت أشرح له الدرس الذي فاته، وكنت أراجع لهم الاختبارات قبل الامتحان، وكذا الطريقة نفسها بالجامعة، وكنا نساعد بعضنا بعضا في شرح بعض الدروس في مادة الكيمياء، يعني مسألة شرح الدروس بالنسبة لي شيء سهل، ولدي القدرة على تبسيط الشرح، وذلك نابع من عشقي للكيمياء، لذا بمجرد تخرجي في الجامعة توجهت للتدريس مباشرة، ورغم أنني عملت في وظائف أخرى لكني عدت للتدريس.
جعلت الطالب لا يحتاج إلى مدرس خصوصي
ما الدوافع وراء إنشاء قناة على اليوتيوب لإعطاء دروس في الكيمياء مجانا؟
- لاحظت على اليوتيوب أن هناك قنوات تشرح بعض الأفكار والنقاط لكنها أجنبية، رغم أن الشرح جيد وبسيط، لكن في الوقت ذاته كنت ألاحظ أن الوقت لا يكفي لكي أشرح للطلاب، إضافة إلى تدريبهم، خاصة مع وجود أسئلة كثيرة مع الطلاب، وليس لديّ وقت لشرحها، لذلك كانت بدايتي مع يوتيوب أن أقوم بشرح مادة الكيمياء لهم والإجابة عن الأسئلة، حتى جعلت الطالب لا يحتاج إلى مدرس خصوصي، لدرجة أنني فوجئت بأن بعض الصفوف الأخرى بالثانوية صارت تتابعني، والمدارس صارت تتابعني، وصار الناس يطلبون مني ليس فقط شرح المادة، ولكن مساعدتهم أيضا في شرح وفهم الأنشطة المتعلقة بمادة الكيمياء، وبفضل الله تعالى استطعت إنشاء القناة لشرح المادة كاملة مع الأسئلة جميعها، وحققت انتشارا واسعار، والحمد لله.
عدم فهم المحتوى يكون بسبب الكسل وعدم الميل أو الرغبة في التعلم
ما الرسالة التي أردت إيصالها من خلال هذه القناة؟
- الرسالة بسيطة جداً وهي فهم شرح مادة الكيمياء، ربما تتحدث مع شخص بالهاتف، أو تشاهد التلفاز، ولكن لا تفهم المحتوى، ويرجع ذلك لعدم الرغبة والكسل، وتضع أعذاراً لعدم الفهم كأن تتهمني بالشرح السريع أو البطيء، لكن إذا لديك الرغبة القوية والميول لمادة الكيمياء، هذا يعطيك دافعاً لسرعة الفهم، والحمد لله وبفضل من الله راح يدرسون المادة أونلاين حتى ما قبل كورونا، وحققوا درجات عالية، وذلك لوجود رغبة في داخلهم في فهم المعلومة والاستفادة بها، مثل الطفل الذي تريد إطعامه، ويرفض ولن يقبل طالما أنه ليست لديه الرغبة في الأكل.
الدراسة الصحيحة تحتاج إلى مهارتي الحفظ والفهم
ولا غناء لأحدهما عن الآخر
ما الأخطاء الشائعة عند الطلبة في مادة الكيمياء؟
- أهم الأخطاء الشائعة أولاً أنه يقوم بتأجيل الدراسة في ليلة الاختبار، سواء كان قصيراً أو غيره، حيث إنه لا يريد أن يدرس المادة مع إهمالها، فهذا يراكم على المادة نفسها، ويصعبها على نفسه، بالرغم من أنها مادة سهلة، كما أن بعض الطلبة يريدون الفهم دون الحفظ، وهذا خطأ لأن الأمر يحتاج إلى المهارتين، فمثلا حينما أقول لك رمز أحد المركبات الكيميائية، هذا حفظ وليس فهما، مع وجود أشياء أيضاً تعتمد على الفهم، فالذي يعتمد على حفظ المادة فقط، يقع في خطأ، وكذلك من يعتمد على الفهم فقط يقع في خطأ، فالأمر كما قلنا يحتاج إلى المهارتين، الحفظ والفهم.
هل صحيح كما هو شائع أن طلبة الثانوي صعب السيطرة عليهم؟
- في اعتقادي أنه لا يوجد شيء اسمه السيطرة عليهم، أو عدم السيطرة عليهم، يوجد شيء اسمه الاحترام والتربية، الوزارة نفسها اسمها وزارة التربية قبل أن تكون وزارة التعليم، لذا من المفروض عندما تتعامل مع الطالب كمعلم تتعامل معه كأنه ابنك، بمعنى أن تكون حازماً في وقت الحزم، مبتسماً في وقت الابتسامة تضحك معه الضحك نفسه، المسؤولية تقع على الطالب وولي الأمر، فإذا ولي الأمر أدب ابنه، هنا المعلم يتواصل معه، فالموضوع بإيجاز أنا أقوم بتدريس ابنك إذن لا بد من الاحترام.
بماذا تعتب على المعلمين المتعاملين مع طلاب المرحلة الثانوية؟
- الحقيقة إذا كان هناك عتب، فهو ليس للجميع، لكن إذا أردت أن تنبه الجميع إلى نقطة ينتبهون لها هي تقوى الله، وهو أن يعلم المعلم أن الله يراقبه، وهل يقوم بعمله كما يرضي الله تعالى، إذا وضعنا هذا المعيار نصب أعيننا يكون فيه الخلاص الكامل للمعلمين والناس جميعا في ضبط أمورها، لأن الله -سبحانه وتعالى- لا يُشرع شيئاً إلا فيه صالح الناس.
حدثنا عن بعض المواقف التي لا تنساها مع طلابك.
- المواقف كثيرة مع الطلبة، وخاصة عندما يكون الطالب لديه مشكلة في بيته، وتنعكس آثارها على أخلاقه، ويكتشف المعلم المشكلة من خلال تغير أخلاق الطالب، أو تغير تفاعله معك سواء في الفصل، أو من خلال علاقتك به، وتحاول تغيير الجو النفسي له وتعلمه كيفية التصرف في حل المشكلة أو مواجهتها، وهناك مواقف جميلة حينما تقابل أحد طلابك بعد فترة، وقد كبر ويسلم عليك، ويقول لك جزاك الله عني خيرا كنت نعم السند والقدوة لي، فهذا شيء يثلج الصدر جدا.
ماذا عن منصة «علا» الذي قمت بطرحه؟ وهل حقق الهدف منه؟
- منصة “علا” كان الهدف منها هو استكمال مسيرة اليوتيوب، بمعنى السعي نحو منفعة الناس ومصلحة الطالب، حيث إنه يحصل على المعلومة بسهولة وبسرعة، وتكون المعلومة موثوقة وصحيحة، ولا يحتاج إلى مصدر آخر للدراسة تكلفه أموالا ويرهق أهله، فهذه المنصة تخفف العبء عن أولياء الأمور، وتسعى إلى مصلحة أبنائهم وبمعلومة صحيحة وجودة المحتوى.
نلاحظ توجهك للطلبة بنصائح نفسية وتربوية وليست تعليمية فقط، فهل نفتقد هذا الجانب مع التعليم المباشر؟
- هذا يردنا إلى النقطة نفسها، أن هذه الشهادة فردية، بمعنى أن بعض المعلمين في المدارس يتعامل مع هذا الجانب، وبعضهم لا يتعامل، وهذا يكون حسب اجتهاد المعلم نفسه، فهذا الموضوع نحن في أمس الحاجة إليه كمجتمع، والنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين النصيحة، وأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، فأنا كما أقوم بتدريس عيالي وتدريبهم ونصحهم، ففي مجال التعليم أقم أيضاً بتوجيه عيال الناس، ونصحهم والعمل على تحقيق هدفهم، ونحن كمجتمع ينصح بعضنا بعضا.
يجب أن نربي أولادنا على الصبر والمثابرة وبذل الجهد حتى يشعروا بقيمة النجاح
نصيحة تود أن تقدمها لكل ولي أمر لديه طالب في المرحلة الثانوية؟
- أولى نصائحي لأي ولي أمر أقول له لا بد أن تُعلّم أبناءك تقوى الله عز وجل، فهي الأساس لأن الآخرة أفضل من الدنيا، وهي الحياة الحقيقية، فلا تربّ عيالك على الدراسة على حساب صلاتهم وعبادتهم وطاعتهم لله، وللأسف هناك الكثير من أولياء الأمور لا ينتبه إلى هذه النقطة؛ لأنهم منجرفون نحو التيار المادي، كما أنصح أولياء الأمور بأن يربوا أبناءهم على الصبر والمثابرة وبذل الجهد، حتى يشعروا بقيمة النجاح والتفوق، وأن نعلم أولادنا المبادئ الأخلاقية، وأن يعملوا على بذل السبب، وأن الله كاتب الرزق، وأن ما يكون لك لا يأخذه غيرك، كما نربي أولادنا على حسن الطاعة وبر الوالدين، وتنظيم الوقت وتقسيم المجهود، وتعبنا في هذا بإذن الله سنجني ثماراً طيبة.