من وحي خزانتها الشخصية Miu Miu وإبداعات ميوشيا برادا.. الماركة الساعية للحرية بأسلوب كلاسيكي

لم تكن علامة «ميو ميو» التجارية إلا أحد إبداعات مصممة الأزياء العالمية ورئيسة دار برادا للأزياء «ميوشيا برادا» التي استوحتها من خزانتها الخاصة وأعلنت عن تأسيسها في 1993 لتكون مصممتها الرئيسية بالتوازي مع عملها الأساسي في شركة برادا المالكة للعلامة الجديدة.
وعلى الرغم من قصر عمر «ميو ميو» المشتق من اسم «ميوشيا» Miuccia Prada Bianchi والذي تنادى به في وسط المقربين منها الذي بالكاد تجاوز الـ 30 عاما، إلا أنها حققت نجاحا كبيرا في عالم الموضة والأزياء وأصبحت منافسا قويا لكبرى العلامات التجارية العالمية التي يعتمدها الكثير من مشاهير العالم، وعلى الأخص الشباب منهم.
فتلك الماركة اشتهرت بتصاميمها العصرية ذات الرؤية المستقبلية الفريدة، لتكون موجهة للنخبة الأنيقة من العملاء، حيث تتميز بهويتها القوية ومسيرة تطورها الإبداعية المستقلة التي تُجسد خطاً وتعبيراً بديلاً لمصممتها برادا.
وتعتبر أزياؤها غير الاعتيادية الخيار المفضل للسيدة الواثقة في أسلوبها الخاص وانتقاء أزيائها ذات التصميمات الأنثوية العصرية اللافتة، والألوان البارزة والتطريزات اللامعة التي تعكس روح الماركة الساعية للحرية، ولكن بأسلوب كلاسيكي يمثل الموضة الإيطالية.
وقد اعتمدت الماركة عدداً من عارضات أزياء وفنانات عالميات لعرض تصميماتها منهن كاتي هولمز وجينتا لابينا وزوس زون وليندساي لوهان وكيرستن دانست وهيلي شتاينفيلد.
وكانت “ميوميو” قد أطلقت أول مجموعة لها في 1993 وكانت عبارة عن تشكيلة من سترات رعاة البقر المصنوعة من جلد الغزال إلى جانب تشكيلة من التنانير المصنوعة من قطع الجلد المرقعة الأنيقة. بعدها بعام عرضت الماركة مجموعاتها في الولايات المتحدة لمدة ثلاثة مواسم متتالية ولاقت نجاحا كبيرا. وفي 2005 تم الفصل بين العلامتين التجاريتين الشقيقتين “برادا” و”ميو ميو”، وذلك بتحديد موقع جديد للعلامة الجديدة في مقر الشركة السابق بفيلا Art Nouveau villa الواقعة بمدينة ميلانو، وهو نفس المكان الذي عرضت فيه مجموعة خريف – شتاء 2006 للرجال.
وفي عام 2006 عرضت الماركة لأول مرة مجموعة من التصميمات النسائية خلال أسبوع الموضة في باريس لتبدأ مشوارها في الصعود إلى صفوف العلامات التجارية الكبرى.
وتماشياً مع موجة إعادة تصنيع الملابس أطلقت ”ميو ميو” في 2020 تشكيلتها المحدودة المميزة من الفساتين القديمة التي سبق وتم تقديمها من الأربعينيات إلى السبعينيات من القرن الماضي بعد تعديلها وإعادة تشكيلها.
ولكي نتعرف أكثر على تلك الماركة علينا أولاً أن نلقي الضوء على حياة مصممتها المتمردة “ميوشيا برادا” أو “ماريا بيانكى برادا”، وهو اسمها الحقيقي، حيث ولدت في العاشر من شهر مايو عام 1949 في ميلانو بإيطاليا، وكانت أصغر حفيدة لماريو برادا، الذي بدأ خط أزياء برادا خلال عام 1913 من خلال تصنيع حقائب يد وحقائب بخارية متقنة الصنع وذات جودة عالية لنخبة ميلانو.
شاركت في حركة حقوق المرأة في سبعينيات القرن الماضي
التحقت بمدرسة (Liceo Classico Berchet) الثانوية في ميلانو، وكانت في تلك الأثناء تعشق ارتداء الملابس الهيبية وذات الأسلوب العرقي، وكانت تُجرب كل شيء لتصل إلى أفضل ما قد يناسبها ويناسب مزاجها وذوقها الخاص في تلك المرحلة المبكرة من حياتها.
بعد انتهاء المرحلة الثانوية التحقت الفتاة بجامعة ميلانو، حيث درست العلوم السياسية والاقتصاد، وحصلت على درجة الدكتوراه من الجامعة نفسها، وهو ما كان سبباً في اقتحامها لعالم السياسة وتحديدا الحزب الشيوعي اليساري آنذاك، إذ كانت تخرج في مظاهرات، وتوزع المنشورات الداعمة لحزبها والمناهضة لسياسات حكومتها آنذاك، كما شاركت في حركة حقوق المرأة في سبعينيات القرن الماضي.
برادا الحفيدة من المظاهرات للمسرح للموضة
لم تحصر برادا حياتها في العمل السياسي فقط، بل نوعت في نشاطاتها الفنية، ففي عام 1973 تدربت الفتاة في تياترو “بيكولو” على فن البانتوميم المسرحي، وعملت هناك في هذا المجال ما يقارب خمس سنوات متتالية، ولكن بحلول منتصف السبعينيات اضطرت إلى الانخراط في نشاط عائلتها لتصنيع الحقائب الجلدية الفاخرة، وعملت في تصميم الإكسسوارات التي لم تدرسها، ولكنها تدربت عليها وأتقنتها.
عام 1985 اكتسبت شعبية كبرى بتصميمها لسلسلة من حقائب اليد المصنوعة من النايلون الأسود
عام 2010، صممت «برادا» الأزياء الخاصة بأوبرا فيردي «اتيلا» بنيويورك
زواجها ضاعف من نجاحها وشعبيتها
في عام 1978 التقت برادا بزوجها المستقبلي وشريكها التجاري لاحقاً “باتريزيو بيرتيلي” رجل الأعمال الصاعدً من منطقة توسكاني، وسرعان ما تطورت علاقتهما المهنية بشكل سريع لتتحول إلى علاقة شخصية، حيث تزوجا في وقتٍ لاحق ورُزقا بولدين. وإلى جانب بيرتيللي، أصبحت المصممة هي القوة الدافعة لتطوير مجموعة برادا وتحقيق نموها على الصعيد الدولي، حيث توسعت نشاطاتها الإبداعية.
وفي عام 1985 اكتسبت المصممة شعبية كبرى بعدما كشفت النقاب عن تصميمها لسلسلة من حقائب اليد وحقائب الظهر المصنوعة من النايلون الأسود التي تحمل علامات قليلة، مما شكل تناقضا صارخا مع شعار الملابس الثقيلة الذي سيطر على عالم الموضة خلال ذلك الوقت.
وبحلول عام 1989، قدمت “برادا” أول مجموعة ملابس نسائية جاهزة لها كانت تعبر ليس فقط عن ذوقها الرفيع، بل أيضاً أفكارها، وهو ما كان سبباً في النجاح والرواج الذي لم يكن في الحسبان، وفي عام 1995 أطلقت أول خط لها للملابس الرجالية.
لم تتوقف الشركة عند هذا الحد، حيث استطاعت تحت إدارة المصممة برادا ضم عدد من دور الأزياء الشهيرة المتخصصة في المنتجات الجلدية والأحذية والعطور والملابس منها Helmut Lang وسJil Sander و”Azzedine Alaïa”.
وفي عام 2010، صممت برادا الأزياء الخاصة بأوبرا فيردي “أتيلا” في دار الأوبرا في مدينة نيويورك، وبعدها بعامين خصص مركز الأزياء في متحف الميتروبوليتان بمدينة نيويورك معرضه السنوي لكلٍ من “ميوتشا برادا” و”إلزا شياباريللي” تحت عنوان: “إلزا شياباريللي وبرادا: حوارات مستحيلة”.
واعتبارًا من عام 2014 شغلت المصممة المبدعة برادا منصب الرئيس التنفيذي المشارك للشركة مع زوجها بيرتيلي.
فونداتسيوني برادا
على صعيد آخر، حافظ الزوجان “برادا وبيرتيلى” على اهتمامهما وحماسهما للفن الحديث، مما قادهما إلى إنشاء مؤسسة “فونداتسيوني برادا” التي تتولى تشجيع المعارض الفنية وغيرها من الأنشطة الثقافية الأخرى المرتبطة بالسينما والفلسفة والمعمار.
وتستمر الشقيقتان “برادا” و”ميو ميو” في نجاحاتهما المتتالية وإبداعاتهما غير المحدودة جنباً إلى جنب مع كبرى دور الأزياء العالمية.