بنات النيل.. كتاب مختلف نساء مصريات غيّرن عالمهن.. وكسرن الصورة النمطية للمرأة
يضم هذا الكتاب سيرا ذاتية لعدد من السيدات المصريات الرائدات بمختلف المجالات المهنية، واللواتي قدمن برهانا مهما على تاريخ إنجازات المرأة، ولاسيما في ظل القوالب النمطية السلبية السائدة، لتشمل هذه السير العديد من الدروس الحياتية الملهمة للمرأة في جميع أنحاء العالم.
الكتاب يضم سيرة 38 سيدة مصرية أكبرهن في أواخر عقدها التاسع وقد ساعدتها حفيدتها في كتابة فصلها وأصغرهن في أواخر عقدها الثاني!
فكرة الكتاب..
كسر الصورة النمطية للمرأة
بدأت الفكرة لدى محررة الكتاب – الدكتورة سامية سبنسر – عندما طلبت من بعض المصريات الناجحات كتابة قصصهن بما فيها نشأتهن والصعوبات التي واجهنها والتكريم الذي حصلن عليه. وكانت تهدف إلى محاولة كسر الصورة النمطية للمرأة المصرية بوصفها غير متعلمة، وخاضعة لسيطرة الرجل، وتقديم نماذج إيجابية تحتذي بها الأجيال الجديدة نساءً ورجالاً في مصر وخارجها، ودفعها إلى التطلع إلى أهداف كبيرة برغم العقبات التي تواجهها، والكشف لها عن آفاق تتجاوز حدود السماء.
الكتاب يضم سيرة 38 سيدة مصرية، أكبرهن في أواخر عقدها التاسع، وقد ساعدتها حفيدتها في كتابة فصلها، وأصغرهن في أواخر عقدها الثاني، ونتيجة للفارق العمري الكبير بين المشاركات، فإن التغيير الذي حدث في تاريخ مصر وثقافتها منذ منتصف القرن العشرين يظهر في الخلفية بين السطور.
حققت السيدات المشاركات في هذا الكتاب إنجازات ونجاحات مهنية في معظم المهن مثل المجال الأكاديمي، والفنون، والعمل المصرفي، والتنمية، والمجال الدبلوماسي، والاقتصاد، والهندسة، وريادة الأعمال، والتمويل، والعلوم السياسية، والطب، والعلاقات العامة، والعلوم والتكنولوجيا، والخدمات الاجتماعية، والرياضة، والعلاقات
الدولية، والمنظمات الدولية، وقد وصلن جميعا إلى ذروة مجالات تخصصاتهن، وعلى الرغم من الاختلاف في الشخصيات والأوضاع والظروف، إلا أن جميعهن يشتركن في قيم معينة، فجميعهن مخلصات وشغوفات بمهنهن، ويتمتعن بإيمان راسخ بأهمية التعليم والعمل الجاد، ولديهن عزيمة قوية لتخطي العقبات التي تحول بينهن وبين أحلامه – على حد تعبير الناشر للكتاب.
تحكي عواطف حامد الرائدة المصرية في هندسة الفضاء عن سيرتها:
وُلِدتُ في المنصورة، وهي بلدة متوسطة المساحة في دلتا النيل، وكنت أصغر ثلاث بنات في أسرتي… كان عام عيد ميلادي الثامن عشر من أكثر السنوات حزنا في حياتي، بعد أن فقدت والدتي قبل أن تسنح لي فرصة التعرف عليها بشكل أفضل وأنا ناضجة.
كان لدى كلية الهندسة بجامعة القاهرة برنامج هندسة الطيران بدءا من السنة الثالثة من السنوات الخمس الرئيسية، فانضممت إلى هذا القسم، وتخرجت بعد ذلك بثلاث سنوات في فصل مكون من 35 طالباً نجوا من الدورة الدراسية الصارمة، من أصل 133.
طوال مسيرتي، أُتيحت لي الفرصة لمقابلة الكثير من المهندسين البارزين، منهم بريان رو الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك لمحركات الطائرات، وهانس فون أوين كبير العلماء في مختبر أبحاث القوات الجوية ومخترع توربينات الغاز، وغيرهما. وكان رائد الفضاء نيل أرمسترونج أول رجل يمشي على سطح القمر زميلي حين انضم كأستاذ في قسم هندسة الطيران بجامعة سنسناتي. لم يكونوا فقط مهندسين أكفاء للغاية، ولكن كانوا أيضا القادة البارزين الذين تستمر رؤاهم الرائعة في التأثير على حياتنا حتى يومنا هذا.
لقد كنت محظوظة للغاية لتحقيق أهدافي والوصول إلى النجوم بفضل الدعم غير المشروط للعائلة والأصدقاء والمعلمين الذين آمنوا بي، فطوال حياتي ومسيرتي المهنية، بذلت قصارى جهدي لاتباع خطاهم، وإعطاء الآخرين قدر استطاعتي. وعلى الرغم من أن التخصص يمثل تحديا فكريا، فإن هندسة الطيران علم مهم يؤثر بشكل كبير على الاتصال البشري، وحتى لا ننسى، فإنه يساهم في ضمان السفر بأمان، والتواصل البشري عبر الأقمار الصناعية.
تقول ماري عن سيرتها مع النجاح والحياة:
ولدتُ في عام 1922 لعائلة من الطبقة المتوسطة العليا، مكونة من خمسة أطفال، وكنت الفتاة الرابعة غير المرغوب فيها. جئتُ إلى الحياة في لحظة غير مناسبة تزامنت مع وفاة والد أمي الحبيب، بينما كانت الأسرة مفجوعة لوفاته.
فضّل والداي لو كان مولودهما ذكرا وليس أنثى، مثلما كان الحال مع شقيقي الذي وُلِد في عام 1924 وفرحا بقدومه فرحا بالغا. كانت بشرتي أكثر سمرة عن شقيقاتي، الأمر الذي جعلني أدنى مرتبة بين أفراد أسرتي.
وكانت هذه الظروف هي النعمة المخفية في حياتي التي دفعتني إلى تكوين شخصية أقوى وامقاتلةب، وزادت من تعاطفي تجاه الفئات المضطهدة والمهملة.
وفي مرحلة مبكرة من عمري، أصبحت لديَّ رغبة مُلحة لمساعدة الفئات المهمشة، ولاسيما النساء والفتيات، فتطوعت للتدريس في فصول محو الأمية بالأحياء الفقيرة، بالإضافة إلى العمل اختصاصية اجتماعية في جمعية الشابات المسيحيات، وفي إحدى المؤسسات غير الحكومية المعنية بعائلات مرضى السل.
وكانت من نتائج عملي في مساعدة فقراء منشية ناصر صدور قرار وزاري بتعييني ضمن لجنة التحضير الخاصة بالمؤتمر الدولي للسكان والتنمية المقام في القاهرة في عام 1994.
منى مكرم عبيد..
دور سياسي بارز رغم الاسرة الصعيدية!
تقول عن طفولتها ثم مرحلتها الجامعية:
في طفولتي كنت دائماً الطفلة الشقية، غريزة التمرد كانت سائدة، وهو ما أجبر أمي على إلحاقي بالمدرسة الداخلية الشهيرة، نوتردام دو سيون… التحقت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتخرجت في قسم علم الاجتماع السياسي، وقد افتتنت بالحياة الأكاديمية، حتى إنني لم أتركها لمدة 24 عاما، وأصبحت مُدرسا وباحثا مساعدا، ثم زميل أبحاث ما بعد الماجستير.
وعن دورها السياسي البارز تقول:
لم يكن دخولي إلى المعترك السياسي أمرا سهلاً على الإطلاق، فقد تعيّن عليَّ أن أكافح في مواجهة مصاعب كبيرة، جاءت أغلبها من جانب أسرتي، فقد رفضت الأسرة الصعيدية المتعصبة للرجال – وإن كان جميع أفرادها قد تلقوا أفضل الشهادات من الخارج – فكرة دخول سيدة إلى عالم السياسة.
إنني مقتنعة بأن الخدمة العامة إن لم تكن قد جعلتني مصرية أفضل، فقد جعلتني مواطنة مصرية أكثر امتناناً تُدرك مدى تميز ذلك البلد، ومدى إبداع وود وتسامح شعبه، ومن ثم فلدينا كل الحق بأن نفخر بتاريخنا وإنجازاتنا الماضية، وأن نثق في قدرتنا على النجاح في مواجهة التحديات التي أمامنا، مثل بناء مجتمع مدني حديث ونظام ديموقراطي، وتعزيز مبدأ المواطنة ونشر قِيم التسامح في أمتنا ككل.