تستحق القراءة.. روايــات تدعو إلى الهوية العربية الجميلة.. والحياة والفرح
الهوية العربية الجميلة وما تواجه من تحديات والبحث عنها من جديد في أبطال من لحم ودم ومشاعر.. المرأة العجوز التي تعدت الحياة كي تعيدها في صحراء جرداء دمرت بالحرب.. امرأة تقرأ في قطار مرتبط في حركته بفعل قراءتها وكأنه بالثقافة نستطيع التحرك والاستمرارية.. ثلاث روايات اخترناها لكم تدعو إلى الهوية العربية الجميلة والحياة والفرح رغم أي شيء.
«السبيليات».. تحدث تفاصيلها خلال الحرب الإيرانية – العراقية التي تسببت بمنع وصول الماء إلى غابات النخيل الواقعة على الضفة الغربية من شط العرب.
«السبيليات»: ضخ الحياة الخضراء في الخراب الأصفر!
االسبيلياتب رواية للروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل. صدرت لأوّل مرة عام 2015 عن نوفا بلس للنشر والتوزيع في الكويت. ودخلت في القائمة النهائية االقصيرةب للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2017، المعروفة باسم اجائزة بوكر العربيةب.
في هذه الرواية الجميلة التي تدعو إلى حتمية الحفاظ على الحياة ورعايتها يروي الكاتب الكويتي حكاية قرية االسبيلياتب التي تحدث تفاصيلها خلال الحرب الإيرانية – العراقية، وهي الحرب الأطول في القرن العشرين، حيث قامت القوات العراقية بطمر مداخل كل الأنهار المتفرعة عن شط العرب بالتراب، بما تسبب بمنع وصول الماء إلى غابات النخيل الواقعة على الضفة الغربية من شط العرب. بعد مرور سنوات ذبل النخيل، وما عاد مثمرا، وماتت كل أنواع الأشجار والخضار والفواكه، إلا شريانا من الأرض أخضر يمتد من عند شط العرب حتى حدود الصحراء غربا، في منطقة تدعى االسبيلياتب. هذه الرواية تبحث في سبب هذا الشريان الأخضر وسط المساحات الشاسعة للبوار من خلال شخصية امرأة عجوز تكفّلت وحدها بضخ الحياة إلى زرع القرية وساكنيها من الجنود.
من مقاطع الرواية:
«أواخر خريف عام 1988، وردني اتصال من صديق يعمل صحافيًا في صحيفة الرأي العام الكويتية، خلال لقاء سابق بيننا، عرفت منك أن مسقط رأسك كان في قرية تقع جنوب مدينة البصرة العراقية.. أردت أن أختصر عليه جهده قلت له (السبيليات). بادرني رده. اسمع.. فيما رواه.. بمناسبة انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية قبل أسابيع تلقت جريدتهم دعوة من السلطات العراقية للاطلاع على الدمار الذي خلفته حربهم مع إياه. تابع: اختارته صحيفته كي يكون موفدها إلى هناك. جمعوا الصحافيين العرب والأجانب داخل الصالة الوحيدة لمطار البصرة/المعقل، ثم أركبونا ثلاث طائرات مروحية، حلقت بنا فوق الشريط الساحلي الغربي لشط العرب باتجاهه جنوبًا نحو ميناء الفاو، ذُهلنا لمشاهدة غابات نخيل أصابها الذبول، تحول سعفها للون أصفر فاقع، الحرب التي دامت ثمانية أعوام بآثارها المدمرة على الطبيعة. فجأة غاب اللون الأصفر، كنا نحلق فوق أرض مزحومة بالأخضر، أشبه بواحة غناء عرضها لا يتجاوز كيلومترين، تبدأ من شط العرب وتنتهي عند مشارف الصحراء الغربية، بعدها مباشرة عادت سيادة الأصفر، تساءلت مشيرًا صوب الشريط الأخضر: لماذا هذه الأرض وحدها.. لم أتلق إجابة ترضي فضولي، اكتفى أحد الأدلاء المرافقين، قال: هذه قرية السبيليات. ختم صديقي حديثه. بصفتها مسقط رأسك يلزمك أن تكتشف».
«قارئة القطار»: القراءة فعل للبقاء أفضل
فازت هذه الرواية للكاتب والروائي إبراهيم فرغلي بجائزة نجيب محفوظ كأفضل رواية مصرية مؤخرا. وذلك لفكرتها الجديدة وبراعتها في سرد الأحداث، بل في رسالتها شديدة الأهمية في عالمنا العربي هذا، حيث التنبيه بقوة إلى ضرورة القراءة، فالقراءة فعل للبقاء أفضل.
في هذه الرواية يضعنا إبراهيم فرغلي كعادته بين عالمين يبدوان متباعدين تمام التباعد، من خلال الراوي الذي يركض ليلحق بالقطار، ثم يفقد ذاكرته فجأة، فلا يعرف من أين جاء، وإلى أين يقصد.. ثم يفاجأ بخلو القطار من المسافرين إلا من امرأة غريبة الأطوار تخبره بأنها تقرأ لكيلا يتوقف القطار، وفي أجواء غريبة يسودها الغموض يسعى لاستكشاف عالم القطار الغريب، وفي ذروة اليأس تسرد له القارئة ما تقول له إنها سيرته، فيجد نفسه شاهدًا على تغريبة من الجنوب إلى الشمال بطلها فتى خرج من مقبرته حيّا ليبدأ رحلته هربًا من ماضيه. فما الذي يجمع بين هذين المسارين الغريبين البعيدين؟ هذه الرواية المشوقة المثيرة للأسئلة تجيب ببراعة عن ذلك.
من مقاطع الرواية المهمة:
«تحدثَتْ كثيرًا، وقرأتْ لي فقرات من كتاب الأحلام. ولم أفهم الرابط بين وجود الكتاب نفسه الذي تقرأ منه زرقاء معها هنا. هل يتضمن الكتاب سرّا لا يعرفه إلا من يعيشون في القطار؟ ورغم الحكايات التي حكتها لي قائلة إنها تخص علاقتي بها، فإنني لم أستعد ذاكرتي لكي أتحقق من صدق ما تقوله».
«افرح يا قلبي».. الهوية العربية الجميلة.. والفرح رغم كل شيء!
رشحت هذه الرواية لجائزة الشيخ زايد للأدب في الإمارات ضمن القائمة القصيرة لها وهي للروائية اللبنانية علوية صبح التي لاقت روايتها الأحدث اافرح يا قلبيب تفاعلًا لافتًا، كما خصّصت الحركة الثقافية في أنطلياس حفلة تكريم لعلوية صبح، احتفاءً بإسهاماتها في مجال الرواية.
ويأتي هذا العمل كحلقة جديدة في سلسلة إبداعات صُبح، منذ امريم الحكاياب مرورًا بـ ادنياب وباسمه الغرامب وبأن تعشق الحياةب.
تحكي الرواية التي تتحدى الغربة والانقسام والمعاناة بالفرح عن اغسَّان الموسيقيّ وعازف العود، يهاجر إلى نيويورك هربًا من فاجعةٍ عائليَّة، حالمًا بهويَّةٍ جديدة، رافضًا جبروت أبيه… ومبتعدًا عن نور، حبّه… الأبديّب.
في نيويورك، يرتبط حبًّا بـ اكيرستنب، أستاذة مادَّة الصوفيَّة، عاشقة الشرق وموسيقاه، والتي تكبره سنًّا.
اافرح يا قلبيب هي روايةٌ عن الموسيقى والحبّ والانتماء وصراعات الأخوة المدفوعين إلى مصائر تراجيديَّةٍ مختلفة.
عنوان الرواية اافرح يا قلبيب يُحيلنا طبعًا إلى أغنية أم كلثوم الشهيرة، فاختارت علوية صبح أن تحتفي بالهوية العربية، فنًّـا ولغةً وشعرًا وموسيقى. لذلك، قيل عن الرواية أن االصوتب يحتلّ فيها دورًا محوريًا. إنّه الأساس الذي بنت عليه صبح روايتها، بحيث يُرافق القارئ بدءًا من العنوان حتى الصفحة الأخيرة من الرواية – كما كتبت عنها مايا الحاج في النهار- إنه صورة مهيمنة في مجازات الكاتبة واستعاراتها، وفي مونولوغات الشخصيات، فنسمعه في التجويد القرآني، في حفيف الشجر ووابل المطر، في زمجرة الأب، في أزيز الرصاص، في دندنات العود..
من مقاطع الرواية الجميلة:
«أرجوكَ أيُّها الطائر الخفيّ، أخبرني عن نهاية قصَّتي قبل النقطة الأخيرة، فصوتك كان معلومًا لديَّ، وسمعت منك كلّ حكايتي، وربَّما امتلأ صندوق عودي بها».