تعيد الوجه المظلم الخفي لعالم الموضة والأزياء إلى الواجهة موضة بلا هوية جنسية… إعلانات لا أخلاقية.. اتهامات بعودة العبودية
محاولة فرض الأزياء «اللاجندرية» (بلا هوية جنسية) على العالم من خلال إلغاء ذلك الفارق المعروف عبر التاريخ بين ملابس الذكور وملابس الإناث
أعادت سلسلة المشاكل التي تواجه عالم الأزياء والموضة منذ عام 2020 وربما من قبل ذلك تسليط الضوء على الجانب الخفي والمظلم لهذا العالم، الذي قد يبدو مشرقا ومبهجا خارجيا من خلال ما يقدمه من تصميمات مبدعة تعرضها عارضات جميلات على المنصات، إلا أنها تخفي الكثير والكثير من التجاوزات الإنسانية والأخلاقية المسكوت عنها بفعل فاعل.
انتقادات قوية وهجوم عنيف على «بلنسياجا» بعد استخدامها رسائل خفية تروّج لاستعباد الأطفال أو (البيدوفيليا) في حملتها الإعلانية لمجموعة ربيع 2023
ربما تكون أزمتا دار “بلنسياجا” الفرنسية التابعة لمجموعة “كيرينج” العملاقة للمنتجات الفاخرة، وعائلة “غوتشي” الإيطالية هما المفجرتين لما يجري وراء كواليس هذا العالم الذي لا يعلم عنه إلا من يديرونه وبعض العاملين فيه، فالتجاوزات فيه تكاد تصل إلى حد الجرائم الدولية التي يعاقب عليه القوانين الدولية، ولا سيما تجارة الأطفال واستغلالهم جنسيا، والاتجار بالبشر إلى جانب استعباد الطبقات الفقيرة، والأخطر من هذا وذاك هو محاولة فرض الأزياء “اللاجندرية” (لا هوية جنسية) على العالم من خلال إلغاء ذلك الفارق المعروف عبر التاريخ بين ملابس الذكور وملابس الإناث.
بلنسياجا وحملة استغلال الأطفال جنسياً
في منتصف نوفمبر الماضي تعرّضت العلامة التجارية الشهيرة “بلنسياجا” إلى انتقادات قوية وهجوم عنيف على الصعيدين الشعبي والرسمي إلى جانب بعض المشاهير حول العالم، وذلك بعد استخدامها رسائل خفية روجت من خلالها لاستعباد الأطفال أو البيدوفيليا، وذلك أثناء الترويج لحملتها الإعلانية الخاصة بمجموعة ربيع 2023 والتي أطلقوا عليها Balenciaga Gift Shop.
وكانت الحملة قد تضمنت مجموعة من الصور التي قام بتصويرها مصور الناشيونال جيوجرافيك جابرييل جاليمبرتى، وكانت لمجموعة من الأطفال يجلسون على أريكة أو سرير ويحملون حقيبة على شكل دب قماشي مربوط بأحزمة سوداء مستوحاة من إكسسوارات الممارسات الجنسية السادية، وهو ما ينافي كل القوانين الدولية لحماية الطفل.
ومن بين الصور ظهرت طفلة صغيرة ترتدي ملابس تشير إلى العبودية الجنسية وتحمل إيحاءات إباحية، كما ظهرت في لقطة أخرى وهي مستلقيّة على الكنبة وكان حولها العديد من الأدوات الخاصة التي تستخدم في العلاقات السادية والمازوخية، وهو ما أثار غضبا عارما لم تخف من حدته حتى اعتذار الدار عن تلك السقطة التي قالوا إنهم لم يكونوا على علم بها.
ومن ناحيته، أعرب المدير الفني الجورجي للدار “ديمنا” في منشور نشره عبر شبكة الإنستغرام عن أسفه واعتذاره عن سوء اختياره للفريق الفني القائم على عمل الحملة، وقال: “أود الاعتذار شخصياً عن الخيار الفني السيّئ.. وأتحمل المسؤولية عن ذلك”، فيما شددت إدارة الدار على أسفها، وقالت “لم يكن ينبغي أن تُعرض مع أطفال”، مؤكدةً أنّ ما حصل كان نتيجة قرار سيئ من قبلها.
وعلى الرغم من اعتذارات الدار المتتالية، إلا أن الخطأ الذي وقعوا فيه كان بمنزلة الصاعقة على الجميع بمن فيهم المشاهير، وقد يكون البداية الحقيقية لفتح صندوق هذا العالم الأسود.
كاني ويست: لا تدعوهم يؤثرون عليكم
وكان مطرب الراب الهوليوودي الشهير كاني ويست من أوائل المشاهير الذين انتقدوا الدار وحملتها الإعلانية المستغلة للأطفال، كما أنه توجّه بانتقاداته إلى المشاهير الذين التزموا الصمت، بالرغم من الفضيحة المدوية، وعبر ويست عن غضبه من خلال حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي تويتر وقال: الم يتحدّث أحد من المشاهير حول فضيحة بلنسياجا هل تعرفون لماذا؟ لأنه يتحكّم بهم نفس الأشخاص الذين يتحكّمون بالعالم فلا تدعوهم يؤثرون عليكمب.
ويتعرض ويست نفسه لحرب شرسة من قبل الجماعات الصهيونية هناك بسبب انتقاده لليهود، حيث فسخت ابلنسياجاب عقدها معه قبل عدة أسابيع، وكذلك الحال مع أديداس وشركة جاب الأميركية، وهو ما أفقدته ما يصل إلى ملياري دولار.
وزيادة تأكيد على موقفه تعمد ويست أن يرتدي حذاء من بلنسياجا، ولكنه أخفى اللوجو ووضع عليه ملصقا كُتب عليه اسم حفيدة غوتشي.
ولم تكن تلك الفضيحة هي الوحيدة، بل أعيد نشر اتهامات ألكسندرا زاريني (35 عاماً)، وهي حفيدة مؤسس دار غوتشي للأزياء غوتشيو غوتشي (جد والدتها)، حيث كانت قد أعلنت في نهاية 2020 عن رفعها لدعوى قضائية ضدّ زوج والدتها السابق الموسيقي جوزيف روفالو، بتهمة الاعتداء الجنسي عليها منذ سنّ السادسة حتى الآن.
وتضمّنت الدعوى اتهاماً لوالدتها باتريسيا غوتشي وجدتها برونا بالومبو، بالتواطؤ والتستّر على روفالو، وبحسب الدعوى التي نشرت تفاصيلها صحيفة انيويورك تايمزب الأميركية، فإن روفالو واظب على التحرش بزاريني منذ طفولتها، حيث كان ينام بقربها وهو عارٍ تماماً، ويداعبها بشكل جنسي، كما حاول اغتصابها عدة مرات.
كما ذكرت زاريني أن والدتها اأمرتها بالتزام الصمت والتستر على روفالو، بعدما شكت لها من تحرّشه بهاب، وهو ما سمح له بمواصلة هذه الاعتداءات طيلة هذه السنوات.
وتضيف أن والدتها كانت تضربها، وتحاول حتى خنقها، فيأتي روفالو لإنقاذها، ثم يعتدي عليها، مضيفة أنّ زوج والدتها، شجعها على تعاطي المخدّرات.
ولم تكتف زاريني بالكشف عن الدعوى شفهياً، بل خرجت في كلمة وجهتها لكل من تعرضن لتجارب مماثلة بعد الإحساس بالخجل أو الخوف من الحديث في الموضوع، وقالت إنها تعلم أن عدد من يعانين من نفس مشكلتها كبيرا جدا، ويحتاج إلى الدعم الكبير، وهو ما تحاول أن تقوم به.
وعلى الرغم من أن عائلة غوتشي لم تعد المالكة للعلامة التجارية، إلا أن أخبارا من هذا القبيل ستؤثر حتما بشكل سلبي على شكل وربما مبيعاتها.
Burberry من أولى دور الأزياء التي خصصت أحد عروض أزيائها لعرض مجموعة كاملة من الأزياء متخذة ألوان قوس قزح (رمز المثليين) إلهاماً لها!
موضة طمس الهوية الجنسية تغزو المنصات
فجأة وبدون سابق إنذار غزت موضة اللاجندرية (اللاهوية الجنسية) منصات عروض الأزياء، وتحديداً بعد عام 2016 حيث أصبحت تلك الدور المشاركة تتبارى في تقديم أكبر عدد من العارضين من غير محددي الهوية بحيث لا يمكن بحال من الأحوال تحديد هويتهم، وذلك للترويج لفكرة قبول المثلية الجنسية من ناحية، ومن ناحية أخرى لأغراض تجارية، فمثل هذه الأزياء تحظى بشعبية كبيرة وسط فئة الشباب ممن يدعون إلى تحقيق المساواة بين الجنسين.
ولم يكن هذا التوجه مقصوراً على بعض العلامات التجارية فقط، بل طال أغلبها، حيث كانت دار بربري البريطانية من أوائل الدور التي خصصت أحد عروض أزيائها لعرض مجموعة كاملة من الأزياء متخذة ألوان قوس قزح إلهاماً لها، وتلتها دور أخرى قدمت تصميمات رجالية معتمدة على التنانير والتصميمات النسائية التي كان يرتديها الذكور.
وعلى الرغم من بعض المعارضات الشعبية الخجولة التي واجهتها تلك الدور، إلا أنها قررت التصدي والاستمرار دعماً لحقوق هؤلاء كما يقولون، وعملاً بالمساواة التي تدعو إليها مواثيق الأمم المتحدة.
الأزياء السريعة واستعباد الفقراء
أعادت تجارة الأزياء السريعة التي تعتمد على اقتباس التصميمات العالمية وإعادة تصنيعها بخامات أقل جودة وتكلفة تكاد كون زهيدة مفهوم العبودية من جديد، ولكن بشكل معاصر، فقبل سنوات معدودة ثارت آلاف السيدات العاملات في بعض مصانع دول آسيا (بنغلاديش وسريلانكا والهند) من سوء أوضاع العمل التي تسببت في موت الكثيرات، وتحدثت تقارير دولية عن ارتفاع عدد ساعات وقلة المعاشات الشهرية وسوء الأوضاع البيئية في محيط العمل.
وتقر منظمة (The remarkable woman) بأنه يوجد أكثر من 40 مليون إنسان حول العالم يعانون من العبودية، وأغلبهم يعملون في المصانع المصنعة للأزياء السريعة.
ولا يتوقف هذا الجانب المظلم لعالم الموضة عند هذا الحد فقط، فصناعة الملابس تعد ثاني أهم مسبب للتلوث البيئي في العالم، وهو ما يحاولون تغييره قدر الإمكان، سواء باستخدام المواد الصديقة للبيئة أو المعاد تصنيعها.