أبرزها «الله يحميكي من الميكانيكي»
و «رميت همومي في البحر.. طلع السمك يلطم»
و «تعمل حسابي أقدرك.. تهزر معايا أعورك»
اعتبرها البعض وسيلة للتعبير عن إحباط الواقع، أو للترفيه وأحيانا للغزل، بدأت بالحكم والاقوال الرصينة التي تدعو الى التأني أثناء السير على الطريق والدعوات بسلامة الوصول واحترام حق الطريق، وتطورت بمرور الايام الى الحد الذي وصل الى العبارات اللاذعة والخادشة للحياء أحيانا، وقد تحمل تلك العبارات رسائل موجهة لأشخاص بعينهم أو عبارات قد لا يفهمها إلا صاحبها.
كان لـ «أسرتي» هذا التحقيق حول هذه العبارات والمغزى منها وما تقوله عن صاحبها:
تنوعت بين نكات ونصائح ودعوات
- في البداية يقول أسامة بيومي (سائق تاكسي) أن الكتابة على السيارة ما هو الا متنفس لصاحبها فهي تحاكي الواقع الذي نعيشه وتعبر عنه بجملة مختصرة وتستقر في عقل صاحبها وقارئها أيضا لأنها نابعة عن تجربة انسانية صادقة بأسلوب كوميدي ساخر، وقد تحمل العبارات احيانا حكمة قد تفيد قارئها أو ترسم على وجهه البسمة.
- يقول محسن يوسف (خطاط) إن كتابة عبارات على سيارات النقل والتكاتك تحظى بإقبال شديد بين أبناء القرى خاصة الشباب منهم وصغار السن فهو يشكل موضة يتبارى عليها السائقون، مشيرا الى ميل الشباب لاختيار الألوان الصارخة واللافتة في الكتابات، مؤكدا أن كل سائق يختار الجملة أو العبارة المراد كتابتها بحسب وجهة نظره وقليلا ما يترك له الاختيار، ولو ترك له الامر لاكتفى بكتابة دعاء أو حكمة معبرة.
عمرو عادل:
سلوك ظهر مجددا بين قائدي وسائل النقل والمواصلات بعد الثورة
- أما عمرو عادل معاون نيابة مرور الجيزة فيقول: إن القانون منع في فترة سابقة كتابة أي عبارات على زجاج السيارات منعا لحدوث فتنة أو لما قد تسببه من خدش الحياء العام، فكان لا يسمح بترخيص أو تجديد رخصة تلك المركبات، ولكن بدأ هذا السلوك للظهور مجددا خاصة بين قائدي وسائل النقل والمواصلات والشاحنات الكبيرة بعد الثورة وحالة الانفلات التي شهدتها البلاد في فترة سابقة. وأضاف أن هذه الظاهرة تنتشر بشدة في القرى والمراكز بعيدا عن أعين الرقابة خاصة مع قلة الوعي وانتشار بعض المفاهيم والمعتقدات الموروثة والتي تحمل خوفا من العين والحسد وخلافه.
وعلى الرغم من أن هذا السلوك يعد مخالفا لقانون المرور بسبب حجب الرؤية عن السائق وما تسببه ايضا من تشتيت الانتباه، فإن العقوبة لا تتعدى غرامة مالية أو مخالفة مرورية غير رادعة بما يكفي للقضاء على تلك الظاهرة.
وحذر عمرو من أن تلك الملصقات قد تسبب حوادث الطريق نظرا لأنها قد تشتت تركيز القارئ، مؤكدا على تكثيف الحملات المرورية في الوقت الحالي للتدقيق ومراجعة السائقين ومخالفتهم، خاصة على الطرق السريعة.
من جانبه، يقول د.أحمد الجزار استاذ الفلسفة وعلم النفس إن تلك العبارات التي تكتب أو تلصق على زجاج السيارات تعد متنفسا لصاحبها فقد تحكي تجربة مؤلمة مر بها صاحبها أو موقفا طريفا ترك أثرا في نفسيته، فتعكس فلسفته في الحياة.
وأضاف الجزار أن تلك العبارات غالبا تعكس شخصية ومزاج كاتبها، فقد تدل على نشأته الدينية، أو خوفه الشديد من الحسد والعين، وهناك عبارات تدل على خفة ظل صاحبها وتفاؤله رغم بساطته وضيق حالته المادية.
وتابع الجزار أن بعض قائدي الشاحنات يلجأ للكتابة أو وضع ملصقات على زجاج السيارة لجذب انتباه المارة في الطريق، مؤكدا أن تلك الكتابات تعد سلوكا غير حضاري ولا يليق بالمجتمعات المتحضرة، فهي نوع من تشويه السيارات وتشكل تلوثا بصريا للمارة. وتعكس انحدار الذوق العام.
د. محمد البدري:
الظاهرة تنتشر أكثر بين طبقات الشعب المتوسطة والأقل منها
- يقول د. محمد البدري – أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة إن هذه العبارات منتشرة على الاغلب بين طبقة اجتماعية بعينها، حيث يلجأ اليها أصحاب السيارات أو وسائل المواصلات للتعبير عن همومهم بطريقة قد تكون ساخرة أو توصيل رسالة لشخص بعينه، وقد تكون الجملة المكتوبة تحمل نصيحة بطريقة ذكية وبسيطة يسهل للمواطن البسيط فهمها.
وأوضح البدري أن تلك العبارات كانت تكتب منذ فترة طويلة على السيارات ولكنها كانت بأسلوب أكثر رصانة وبهدف تقديم نصيحة ما مثل «توكلت على الله» أو «لا تسرع يا بابا فنحن في انتظارك»، ولكن بمرور الوقت تطورت العبارات لتكتب بأسلوب ومصطلحات العصر، وتأخذ منحى أكثر جرأة وقد تحمل عبارات غزل أو عبارات خادشة للحياء.
وأكد البدري أن تلك الظاهرة تنتشر أكثر بين طبقات الشعب المتوسطة والأقل منها، أما الطبقة الاجتماعية الراقية فتكتفي غالبا بالرسالة التي تحملها سياراتهم الفارهة والتي تشير الى ثرائهم وانهم بالفعل يستقلون عربات مميزة. كما أنهم يحرصون على عدم تشويه سياراتهم الفاخرة.