فنها ينشر الطاقة الإيجابية الفنانة التشكيلية لينـا حجـازي: أحبُّ أن تكون ألوان لوحاتي زاهية وقوية
قالب وإطار راسخ لمدرسة تجريدية رائعة رسمت فوصفت ولونت فأبدعت، إنها الفنانة التشكيلية لينا حجازي التي وقعت في غرام الفن والرسم منذ طفولتها، مزجت اللون بالفكرة لتتمخض عن لوحات ناطقة تحاكي النفس وتداعب أعماقها، لوحاتها لا تفضي بكل مكنوناتها لأول وهلة، إلا أنها تُدخل المتلقي في حالة من الشغف تجعله لا يملك سوى أن يقف متأملا حديث اللوحات.
اقتربنا من تجربة الفنانة لينا حجازي لتحدثنا حول بداياتها الفنية التي انطلقت منها إلى عالم الفن التشكيلي، فكان
لـ «أسرتي» معها هذا الحوار:
كيف كانت بدايتك مع الفن التشكيلي؟
- اكتشفت شغفي بالفن، أو بالأحرى بالرسم منذ الطفولة، ربما في عمر عشر سنوات. فكنت أرسم على الجدران في البيت، كانت جدران المنزل هي اللوحات الأولى التي بدأت بالرسم عليها، وكان أغلب ما أحب رسمه المناظر الطبيعية. واستمر هذا الشغف حتى سن الالتحاق بالجامعة، لكن دراسة الفنون آنذاك لم تكن مما تشجع عليه الأسر بشكل عام، ولم تكن منتشرة كما هو الحال الآن، لذلك تقدمت لدراسة علم النفس، لكن شغفي بالفن والرسم لم يتوقف خلال تلك الفترة أيضا، فقد استمررت أمارس الرسم باعتباره هوايتي المفضلة، وكنت أمارس الرسم لبضع ساعات يوميا، حتى أحسست بالحاجة إلى تعميق الموهبة وامتلاك أدواتي بشكل أعمق فقررت الالتحاق بالمعاهد المتخصصة في الفنون، والتحقت بعدد منها في عدة دول عربية وأجنبية من بينها الكويت ولبنان ومصر وإيطاليا وإنجلترا وغيرها.
حاولت التعبير عن مشاعر المرأة في مختلف مراحلها
أول لوحة مكتملة رسمتها وشكلت أسلوبك الخاص؟
- بشكل عام حين بدأت التعامل مع الفن بشكل يقترب من الاحتراف كان الموضوع الذي يشغلني ويسيطر على اهتمامي هو المرأة، وقضايا المرأة بشكل عام في المجتمع وربما في العالم، وهكذا حاولت التعبير عن مشاعرها في مراحل حياتها المختلفة، وأعتقد أن فكرة اكتمال فكرة أو عمل تحقق من خلال مجموعة بورتريهات لامرأة في حالات نفسية مختلفة، كأنها وجوه المرأة في حالات الشجن أو الحزن أو السعادة أو الشرود أو في حالة استغراق في التفكير إلى آخر المشاعر المختلفة.
ما المدارس التي تأثرت بها في مسارك الفني؟
- بطبيعة الحال وخلال فترة الدراسة وتعميق علاقتي بدراسة الفن كنت أطلع على كل المدارس الفنية، الكلاسيكية والمعاصرة، وبالتدريج وجدت في نفسي الميل للمدارس الفنية الحديثة التي تميل للتجريد، واكتشفت بمرور الوقت ميلي لرسم الأشكال والتكوينات الهندسية باستخدام الأساليب الحديثة، واشتغلت كثيرا على تكوين ألوان مختلفة في لوحاتي، بمعنى أنني اكتشفت أنني أحب أن تكون ألوان لوحاتي زاهية وقوية، وربما أيضا لها طابع يمنح اللوحة إحساسا بالبهجة أو الفرح، وأظن أن هذه السمة أصبحت سمة ملازمة لأغلب أعمالي.
تأثرت بأعمال وأسلوب مونيه كثيراً
هل لنا أن نتعرف على الرسام العربي أو العالمي الذي أثر بك كثيرا؟
- من المؤكد أنني أحببت أساليب الكثير من الفنانين الرواد، وأظن أنني ربما تأثرت بأعمال وأسلوب مونيه كثيرا من بين الفنانين القدامى والكلاسيكيين، أما على المستوى العربي فقد أحببت وتأثرت بأعمال الفنان الفلسطيني الراحل إسماعيل شموط، والذي يعد من رواد الفن الفلسطيني المعاصر، وأيضا بالفنان محمد طراوي، وأعتقد أن أعمال هذين الفنانين كانت ملهمة بالنسبة لي بشكل كبير.
اللوحات التي تتضمن الكثير من التفاصيل تحتاج إلى ساعات من العمل وقد تستمر لأيام أو أسابيع
ما أطول مدة استغرقتها في رسم لوحة؟
- لا أعتقد أن الفنان يهتم بحساب الوقت في خلال عملية الرسم، خصوصا حينما يشعر بالتدفق والعمل الذي قد يستمر لساعات طويلة من دون أن يشعر بمرور الوقت، لكن من المؤكد أن اللوحات التي تتضمن الكثير من التفاصيل، أو تحتاج إلى التنقيط مثلا تحتاج إلى ساعات من العمل التي قد تستمر لأيام أو أسابيع، فلكل عمل ظروفه الخاصة.
لينا حجازي هل هي نتاج الدراسة الأكاديمية أم نتاج حالة إبداعية؟
- بدأ تعلقي بالفن في سن صغيرة كما أخبرتك، وربما في ذلك العمر لا يكون المرء يدرك تماما أسباب شغفه بالفن، ربما باستثناء الإحساس بمتعة ممارسة الفن، وفكرة تحويل الفكرة إلى صيغة فنية أو اختبار قدراتك على نقل صورة من الواقع إلى داخل إطار اللوحة، وهذه المرحلة هي المرحلة الفطرية، ثم جاءت مرحلة الدراسة المتخصصة لاستكمال الأدوات وتعميق مفاهيم الفن وأدواته، وبالتالي فأعمالي مزيج بين الحالتين، والأكاديمية أيضا لا تتعارض مع إنتاج أعمال إبداعية.
ما حكاية هذه الوجوه التي تملأ بعضا من فضاءات لوحاتك؟
- أولاً أنا شغوفة بالوجوه، بالطريقة التي تعبر بها ملامح الوجه عن المشاعر المختلفة، وفي الاختلافات في الملامح التي تمنح الوجه شخصية تختلف عن أي وجه آخر، لكني في الوقت نفسه أؤمن بالمساواة بين مختلف فئات البشر، أيا كانت جنسياتهم، وبسبب ذلك جسدت في لوحاتي عددا كبيرا من وجوه لنساء من فئات عمرية مختلفة، ومن مختلف الجنسيات حول العالم.
تتعدد أنواع الرسم التشكيلي.. فأين تبني مرسمك وأين تستريحين؟
- الفنان يغير دائما من أسلوبه، ويحاول تطوير أدواته الفنية، وكذلك يجب أن يجرب نفسه في ألوان مختلفة أو مدارس فنية مختلفة، وكل مرحلة من مراحل تطوره يحب أن يجرب تجارب مختلفة لنفس الأسلوب، وأحياناً أيضا قد يجد نفسه ميالا للمزج بين أكثر من أسلوب في لوحة واحدة، في معرضي الأخير كان للتنقيط دور البطولة، وحاولت أن أقدم موضوعات مختلفة ومحاولة تقديم التكنيك بأشكال مختلفة، وغالبا ما يفرض موضوع اللوحة الأسلوب المناسب لها.
ما خططك لمعارضك القادمة؟
- لا توجد عادة خطط محددة، أنتظر الإلهام وبمجرد أن تأتيني فكرة أبدأ في العمل عليها، وأنتظر النتيجة، وعندها تبدأ ملامح الخطط الجديدة إذا شعرت بأن ما أعمل عليه يمثل فكرة جديدة أو شكلا مختلفا أحب أن أنجز فيه أكثر من عمل.
ما رسالتك؟ وما قضيتك التي تؤمنين بها؟
- أعتقد أن للعمل الفني دورا مؤثرا في نشر الطاقة الإيجابية، والمؤكد أنني عندما كنت أشاهد لوحات فنية كنت أميل لتلك التي تكون مفعمة بالحيوية وتمنح المتلقي الإحساس بالبهجة، ولهذا أتصور أني أطمح لأن تسهم لوحاتي في نشر الطاقة الإيجابية، وخلق الطاقة التي يمكن لها أن تساعد في خلق الإحساس بالتفاؤل والسعادة، وهو ما يتجلى بشكل واضح في الألوان وموضوعات لوحاتي. من المؤكد أن للفنان رسالة، لكن الفن أيضا له وظيفة أساسية هو أن يقدم تجربة فنية جديدة ومختلفة، وكثيرا ما يكون هدف الفنان هدفا جماليا فقط، محاولة لخلق صيغة فنية مختلفة أو اختبار تفاعل ألوان محددة أو عمل تشكيلات جمالية معينة، ولكن ليس بالضرورة أن تكون رسالة الفنان هي محور أعماله، لكنني كما قلت أهتم كثيرا بقضايا المرأة العربية والمرأة في العالم، والكثير من أعمال دارت حول الموضوع، كما أنني مهتمة بقضية المساواة بين البشر.
أعشق البحر بلونه الأزرق اللانهائي الذي يمثل لي أيقونة للجمال
وماذا عن المدينة في لوحاتك؟
- ربما المدينة التي أعبر عنها في لوحاتي ليست مدينة محددة، ولكنها مدينة أحلم بها، مدينة تفيض بالسلام والهدوء والمحبة، مدينة المساواة التي نحلم أن نعيش بها لأنها مليئة بالجمال الخارجي والداخلي معا، لكنني أعتقد أنني أحب المدن الساحلية أيضا، المدينة الساحلية تتميز بأنها قريبة من البحر، وأنا أعشق البحر بلونه الأزرق اللانهائي الذي يمثل لي أيقونة للجمال، لهذا تجدين اللون الأزرق تقريبا في كل أعمالي، حتى لو كان يمثل مجرد بقعة لونية صغيرة.