كتاب جديد عن عميد الأدب العربي د. طه حسين.. «طه الذي رأى».. لم يحتج إلى حاسة البصر إذ كان بصيراً!

كتب هذا الكتاب المهم تحت تصنيف الرواية عن عميد الأدب العربي د. طه حسين للكاتب والشرطي السابق حمدي البطران، وأسماه باسم له معان كبيرة: اطه الذي رأى.. أيام ما بعد الأيامب وذلك بهدف تناول حياة طه، حيث تناول الكتاب مراحل مهمة وأساسية ومؤثرة من حياة صاحب: الطفولة المعذبة والتعايش مع كف البصر، ثم أيام الدراسة في جامعة الأزهر، ثم بروز شخصية التمرد في طه حسين، وهو بالفعل المتمرد على بعض الأفكار البالية وقتها اجتماعياً وثقافياً.
كما يسرد الكتاب رحلة عميد الأدب العربي نحو آفاق العلم الأرحب:
الالتحاق بالجامعة بتفوقه العالي فيها، ومن ثم نيله بعثة علمية على نفقة الدولة إلى فرنسا بجامعة السوربون أعرق جامعاتها.
وهناك يلتقي طه حسين شريكة حياته وكفاحه سوزان بريسو التي كان لها أثر كبير في مسيرته الفذة، فقد أصبحت زوجته وخير معين له في حياته. ويظهر الكتاب أن إحدى المحن التي تعرض لها حسين في حياته كانت رفض سوزان له حينما أفصح لها عن محبته قبل عدولها عن ذلك، لكنها وافقت في النهاية وكونا معاً بيتا وأسرة مستقرة. ويرى الكتاب أن سوزان كان لها دور فاعل في مسيرة زوجها، وأنها بالرغم من ذلك لم تنصهر فيها تماماً، إذ أبقت حتى النهاية على شخصيتها وثقافتها وخلفياتها الدينية، لكن سوزان كانت حجر زاوية في مسيرة طه حسين، ويمكن اكتشاف أثرها في كل خطوة من خطواته وإنجازاته، فحتى بعد عودته إلى مصر ورحيلها عن وطنها، لم تشأ أن تعبر له عن مشاعر الغربة في المجتمع المصري حفاظا على قدرته على التركيز في إنتاجه البحثي والأكاديمي والروائي.
لكن الكتاب أو الرواية عن حياة طه حسين لا يتناول فقط الأحداث الأولى المعروفة من حياة شخصيته، بل يتناول أيضا محطات في تلك الحياة فيما بعد، ونذكر من أبرزها أزمة كتابه في الشعر الجاهلي، ونص استقالة لطفي السيد من الجامعة إثر أزمة نقل طه حسين من عمادة كلية الآداب إلى وزارة المعارف العمومية، فضلاً عن تولي طه حسين وزارة المعارف ثم تأسيسه في منزله الصالون الثقافي الشهير ارامتانب الذي كان يضم كوكبة الأدب والفكر في مصر آنذاك مثل نجيب محفوظ الذي كان يرتاد ذلك الصالون في بداياته الروائية كتلميذ أو مريد يتعلم من موسوعة الأدب والفكر طه حسين، وقد تحول هذا المنزل بصالونه فيما بعد إلى متحف ومركز ثقافي.
الغلاف للرواية يذكر أن هذه الرواية تحتوي على أيام ما بعد الأيام.. والأيام هنا تشير إلى السيرة الذاتية لطه حسين، فقد تعمد الكاتب أن يعود بطريقة افلاش باكب إلى أحداث كتاب االأيامب، بدءًا من الميلاد والسنوات الأولى وفقد البصر، لكن جاءت غالبية هذه الأحداث مختزلة ومكثفة إلى حد كبير في فصول الكتاب الأولى.
من مقتطفات الكتاب:
«قبل أن تلد، رأت أمه في منامها أنها موجودة في حجرة بها اثنا عشر مصباحاً، كل مصباح يضيء مكانه، مع وجود مصباح مطفأ كانت إضاءة المنطقة الموجود فيها أقوى من المصابيح كلها حوله».