يوم عقد القران العريس يستحم في نهر النيل بصحبة أصدقائه
تتمتع النوبة في أقصى جنوب مصر بخصوصية وسحر خاص يكسبها تفردا وتميزا بين المجتمعات الأخرى، ومنها الأفراح التي لها طابع خاص ومميز، حيث يستمر الفرح فيها لأكثر من ثلاثة أيام تبدأ مراسم الفرح في الليلة الأولى بذبح العجول أو الأغنام وتجهيز العشاء لأهل القرية، وتعم الفرحة والبهجة، وتشعر بأن الفرح في كل بيت بالقرية، حيث يتكاتف الجميع، ويساعدون بعضهم بعضا في تجهيزات الفرح كأنهم يد واحدة، كما يأتي المدعوون من القرى المجاورة لتقديم التهاني والتبريكات والهدايا، ونستعرض فيما يلي جوانب وطقوس من أفراح أهل النوبة:
الاحتفال بيوم عقد القران
في يوم عقد القران يذهب أصدقاء العريس معه إلى النهر من أجل الاستحمام، وقبل الوصول إلى النهر يجري العريس ويسبق أصدقاءه، وكل منهم يحرص على ألاّ يسبق العريس، فالعريس دائما عند النوبيين هو الذي يفوق الشبان كلهم في كل شيء، وبعد أن يخرج من النهر يطلق البخور، ثم يرتدي ملابسه الجديدة، ثم يتوجه العريس إلى منزله وسط أصدقائه، ويكون عقد القران على الملأ، ويوضح العريس المهر، ويقدم الذهب أو الصيغة، وهي المشغولات الذهبية التي يحضرها العريس بعد الاتفاق مع أهل عروسه عليها، والصمت هو سمة الحضور كلهم إلى حين إنهاء مراسم كتب الكتاب، وعادة لا يكون هناك مغالاة في المؤخر، لأن المجتمع النوبي يريد في الأصل الراحة للعروس قبل المال.
الاحتفال بليلة الحنة
يقام في هذه الليلة احتفالان كبيران أحدهما في منزل العروس، ويقتصر على أهلها، أما الاحتفال الآخر، فيقام في منزل العريس، إذ يحضر أصدقاؤه ليشتركوا في الاحتفال بالغناء والرقص والعزف على الطار، ويبدأ الاحتفال بتقليد خاص هو أن تقوم إحدى السيدات المسنات، وتسمى “الحنانة” بإحضار صحن به ماء وحناء تقوم هذه السيدة بتخضيب معظم جسد العريس بالحناء، ويقوم أصدقاؤه من الشبان، وخاصة غير المتزوجين بالممازحة أثناء تخضيبه، وهو مزح فيه تفاؤل من أجل الالتحاق به والزواج مثله، وذلك بعد أن يأخذ كل واحد منهم قطعة من الحنة يدهن بها جزءاً من جسمه، ثم يحنون أيديهم أيضا.
بعمل حفل ذكر، ثم يغنون ويرقصون، وقد يبدأ الاحتفال من رقص وغناء قبل ليلة الحنة بأسبوع، وفي منزل العروس تمارس نفس العادات ونفس الأغاني والرقص، إلا أن الرقص في هذه الحالة يكون من جانب الفتيات والسيدات، وتحنى العروس ولا تبقى الحنة إلا في يديها ورجليها فقط.
ليلة الزفاف
بعد الحناء يكون ثاني يوم هو الفرح، وغالبا ما يكون ليلة كاملة من العاشرة ليلا حتى مطلع الفجر، حيث يتم تجهيز مكان الفرح من سماعات كبيرة “دي جي” لتبدأ فقرات الغناء النوبي، فتتشابك الأيادي مع الرقص يمينا ويسارا، فيما تعد أم العريس طوقا يلبسه الابن، وهو جزء من نقطته، ويظل الرقص والغناء حتى الصباح، وهو غالبا من التراث النوبي الذي تتوارثه الأجيال، ولا يعرف أحد مؤلف هذه الأغاني، ثم يودع العروسان المعازيم لقضاء شهر العسل، والعروس لا تبدأ في التحدث مع العريس، إلا إذا حصلت منه على مبلغ مالي، وقيمة المبلغ تكون وسيلة تتباهى بها بين النساء في القرية.